تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٢ - الصفحة ٢٢٦
لازب، إنك أمير الملة الحنيفية، كما أن أمير الملة النصرانية، وقد علمت ما عليه نوابك من رؤساء الأندلس من التخاذل والتواكل، وإهمال أمر الرعية، وإخلادهم إلى الراحة. وأن أسومهم القهر، فأخلي الديار، وأسبي الذراري، واقتل الرجال، ولا عذر لك في التخلف عنهم وعن نصرهم إذ أمكنتك يد القدرة، وأنتم تزعمون أن الله فرض عليكم قتال عشرة منا بواحد منكم، فالآن خفف الله عنكم، وعلم أن فيكم ضعفا، ونحن الآن نقاتل عشرة منكم بواحد منا، لا تستطيعون دفاعا، ولا تملكون امتناعا.
وقد حكي عنك أنك أخذت في الاحتفال، وأشرفت على ربوة القتال، وتماطل نفسك عاما بعد عام، تقدم رجلا وتؤخر أخرى، فلا أدري، الجبن بطأ بك أم التكذيب بما وعدك ربك. ثم قيل لي إنك لا تجد إلى جواز البحر سبيلا لعلة لا يسوغ لك التقحم معها. وها أنا أقول لك ما فيه الراحة، وأعتذر تلك وعنك على أن تفي بالعهود والمواثيق، فأجوز بحملتي إليك، وأقاتلك في أعز الأماكن لديك، فإن كانت لك فغنيمة كبيرة جلبت إليك، وهدية عظيمة مثلت بين يديك، وإن كانت لي كانت يدي العليا عليك واستحقيت إمارة الملتين، الحكم في البرين.
فلما وصل كتابه إلى أبي يوسف مزقة وقطعه، وكتب على قطعة منه:
(٢٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 231 ... » »»