تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٤٢ - الصفحة ٢٢٤
فيه عند ذكر الزرافة: رأيتها عند ملك البربر. كذا غير ملتفت إلى ما يتعاطاه خدمة الملك من التعظيم، فكان هذا مما أحنقهم عليه، ولم يظهروه.
ثم إن قوما ممن يناوئه بقرطبة ويدعي معه الكفاءة في البيت والحشمة سعوا به عند أبي يوسف بأن أخذوا بعض تلك التلاخيص، فوجدوا فيه بخطه حاكيا عن بعض الفلاسفة قد ظهر أن الزهرة أحد الآلهة. فاقفوا أبا يوسف على هذا، فاستدعاه بمحضر من الكبار بقرطبة، فقال له: أخطك هذا فأنكر، فقال: لعن الله كاتبه، وأمر الحاضرين بلعنه، ثم أمر بإخراجه مهانا. وبإبعاد من يتكلم في شيء من هذه العلوم، وبالوعيد الشديد. وكتب إلى البلاد بالتقدم إلى الناس في تركها، وبإحراق كتب الفلسفة، سوى الطب، الحساب، المواقيت. ثم لما رجع إلى مراكش نزع عن ذلك كله، وجنح إلى تعلم الفلسفة، استدعى ابن رشد للإحسان إليه، فحضر ومرض، ومات في آخر سنة أربع.
وتوفي أبو يوسف في غرة صفر، وولي بعده ولي عهده ابنه أبو عبد الله محمد، وكان قد جعله في سنة ست وثمانين ولي العهد، وله عشر سنين إذ ذاك.
وقال الموفق أحمد بن أبي أصيبعة في تاريخه: حدثني أبو مروان الباجي قال: ثم إن المنصور نقم على أبي الوليد، وأمر بأن يقيم في بلد اليسانة، وأن لا يخرج منها، ونقم على جماعة من الأعيان، وأمر بأن يكون في مواضع أخر لأنهم مشتغلون بعلوم الأوائل. والجماعة أبو الوليد،) أبو جعفر الذهبي، ومحمد بن إبراهيم قاضي بجاية، أبو الربيع الكفيف، وأبو العباس الشاعر القرابي. ثم إن جماعة شهدوا لأبي الوليد أ نه على غير ما نسب إليه، فرضي عنه وعن الجماعة، وجعل أبا جعفر الذهبي مزوارا للأطباء الطلبة.
ومما كان في قلب المنصور من أبي الوليد أنه كان إذا تكلم معه يخاطبه بأن يقول: تسمع يا أخي.
قلت: واعتذر عن قوله ملك البربر بأن قال: إنما كتبت ملك البرين، وإنما صحفها القارئ.
(٢٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 219 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 ... » »»