تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٩ - الصفحة ٣٦٣
حسدا منهم وبغيا. وكان مما تمموا به المكيدة علي ونسبوه إلي، أن علي بن مهدي صاحب الدولة اليوم باليمن التمس من الداعي محمد بن سبأ أن ينصره على أهل زبيد، فسألني الداعي أن أعتذر عنه إلى علي بن مهدي لما كان بيني وبين ابن مهدي من أكيد الصحبة في مبادى أمره، لأني لم أفارقه إلا بعد أن استفحل أمره، وكشف القناع في عداوة أهل زبيد، فتركته خوفا على مالي وأولادي لأني مقيم بينهم. وحين رجعت إلى زبيد من تلك السفرة وجدت القوم قد كتبوا إلى أهل زبيد في حقي كتبا مضمونها: إن فلانا كان الواسطة بين الداعي وبين ابن مهدي على حربكم وزوال ملككم فاقتلوه. فحدثني الشيخ جياش قال: أجمع رأيهم على قتلك في ربيع الآخر سنة ثمان وأربعين. فجاءهم بالليل خبر محمد بن الأغر ونفاقه وزحفه على تهامة، فآنزعجوا واشتغلوا، وخرجت حاجا بل هاجا إلى مكة سنة تسع. فمات أمير مكة) هاشم بن فليتة، وولي الحرمين ابنه قاسم، فألزمني السفارة عنه إلى الدولة المصرية، فقدمتها في ربيع الأول سنة خمسين، والخليفة بها الفائز، والوزير الملك الصالح طلائع بن رزيك. فلما أحضرت للسلام عليهما في قاعة الذهب أنشدتهما: الحمد للعيس بعد العزم والهممحمدا يقوم بما أولت من النعم إلى آخرها.
وعهدي بالصالح يستعيدها في حال النشيد، وألاستاذون وأعيان الأمراء والكبراء يذهبون في الاستحسان كل مذهب، ثم أفيضت علي خلع من ثياب الخلافة مذهبة، ودفع لي الصالح خمسمائة دينار، وإذا ببعض ألاستاذين خرج لي من عند السيدة بنت الإمام الحافظ بخمسمائة دينار أخرى. وأطلقت لي رسوم لم تطلق لأحد قبلي. وتهادتني أمراء الدولة إلى منازلهم، واستحضرني
(٣٦٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 358 359 360 361 362 363 364 365 366 367 368 ... » »»