فكأنه والله بهذا القول نعى إلي حالي وذهاب مالي. وذلك أن كتاب الداعي محمد بن سبأ صاحب عدن جاءني من ذي الحجة يستدعي وصولي إليه، فاستأذنت أهل زبيد، فأدنوا لي على غش. وكانت للداعي بيدي خمسة آلاف دينار سيرها معي أتباع له، بها أمتعة من مكة وزبيد، فلما قدمت إلى ذي جبلة وجدته قد دخل عروسا على ابنة السلطان عبد الله. وكان جماعة من أكابر التجار والأعيان، مثل بركات ابن المقرئ، وحسن ابن الحمار، ومرجى الحزاني، وعلي بن محمد النيلي، والفقيه أبي الحسن بن مهدي القائم الذي قام باليمن، وأزال دولة أهل زبيد، وكانوا قد سبقوني ولم يصلوا إلى الداعي. فلما وصلت إلى ذي جبلة كتبت إليه قول أبي الطيب: كن حيث شئت تصل إليك ركابنافالأرض واحدة وأنت الأوحد ثم أتبعت ذلك برقعة أطلب إذن بالاجتماع به، فكتب بخطه على ظهرها: مرحبا مرحبا قدومك بالسعدفقد أشرقت بك الآفاق لو فرشنا الأحداق حتى تطأهنلقلت في حقك الأحداق وكان هذان البيتان مما حفظه عن جارية مغنية كنت أهديتها إليه، واتفق أن الرقعة وصلت مفتوحة بيد غلام جاهل، فلم تقع في يدي حتى وقف عليها الجماعة كلهم، وركبت إليه فأقمت عنده في المستنزه أربعة أيام، فما من الجماعة إلا من كتب إلى أهل زبيد بما يوجب سفك دمي، ولا علم لي،
(٣٦٢)