وخطراته في التحرز منهم مستعملة، لا يخلو شهر من مكر يجتمعون عليه، وحيلة يبرمونها. وكان أكثر ما يستروحون إليه المكاتبات إلى الفرنج، فسير ملك الفرنج كاتبه، جرج رسولا إلينا ظاهرا، وإليهم باطنا.
والمولى عالم أن عادة أوليائه المستفادة من أدبه أن لا يبسطوا عقابا مؤلما، وإذا طال لهم الإعتقاد خلى سبيلهم. ولا يزيدهم العفو إلا ضراوة، ولا الرقة عليهم إلا قساوة. وعند وصول جرج ورد إلينا كتاب ممن لا نرتاب به من قومه يذكرون أنه رسول مخاتلة لا رسول مجاملة، وحامل بلية، لا حامل هدية. فأوهمناه الإغفال، فتوصل مرة بالخروج إلى الكنيسة إلى الاجتماع بحاشية القصر وأعوانهم، فتنقلت إلينا أحوالهم فأمسكنا جماعة متمردة قد اشتملت على الإعتقادات المارقة، وكلا أخذ الله بذنبه، فمنهم من أقر طائعا، ومنهم أقر بعد الضرب، وانكشف المكتومات، وعينوا خليفة ووزيرا.
وكانوا فأما تقدم، والمملوك بالعسكر على الكرك والشوبك، قد كاتبوهم، وقالوا إنه بعيد، والفرصة قد أمكنت.
وكاتبوا سنانا صاحب الحشيشية بأن الدعوة واحدة، والكلمة جامعة، واستدعوا منه من يغتال المملوك. وكان الرسول خال ابن قرجلة، فقتل الله تعالى بسيف الشرع والفتاوى جماعة من الغواة الدعاة إلى النار، وشنقوا على أبواب قصورهم، وصلبوا على الجذوع المواجهة لدورهم، ووقع التتبع لأتباعهم، وشردت الإسماعيلية، ونودي بأن يرحل كافة الأجناد وحاشية القصر إلى أقصى الصعيد، وثغر الإسكندرية، فظهر به داعية يسمى قديد