تاريخ الإسلام - الذهبي - ج ٣٩ - الصفحة ٣٦١
الجمل حتى أبركته في المحجة العظمى وعقلته، وبعدت عنه بحيث أشاهده، حتى مرت قافلة، فأقاموا البعير وساقوه. فلما أصبح الناس إذا صائح ينشد الضالة، ويبذل لمن ردها مائة دينار. وإذا هما امرأتان لبعض أكابر أهل زبيد.
وكانت عادة الحرة أن تمشي في الساقة، فمن نام أيقظته، وكا لها مائة بعير برسم حمل المنقطعين.
وحين تنصفت الليلة الثانية تأخرت حتى مر بي محملها، فبادر الغلمان إلي وقالوا: لك حاجة فقلت: الحديث مع الحرة. ففعلوا ذلك، فأخرجت رأسها من سجف الهودج.
قال: فناولتها الزوجين، وبلغني أن وزنهما ألف مثقال، فقالت: ما اسمك ومن تكون فقد وجب حقك.
فأعلمتها، وحصل لي منها جانب قوي وصورة وتقدم، وتسهل الوصول إليها في كل وقت.
وبذلك حصلت معرفة بالوزير القائد أبي محمد سرور الفاتكي. وكسبت بمعرفتها مالا جزيلا.
وتجرت لها بألوف من المال، وترددت إلى عدن، وحصلت لي صحبة أهل عدن. وقضى ذلك باتساع الحال وذهاب الصيت، حتى كان القاضي أبو عبد الله محمد بن أبي عقامة الحفائلي رأس أهل العلم والأدب بزبيد يقول لي: أنت خارجي هذا الوقت وسعيده، لأنك أصحبت تعد من جملة أكابر التجار وأهل الثروة، ومن أعيان الفقهاء الذين أفتوا، ومن أفضل أهل الأدب. فأما الوجاهة عند أهل الدول، ونعمة خدك بالطيب واللباس وكثرة السراري، فوالله ما أعرف من) يعشرك فيه، فهنيئا لك.
(٣٦١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 356 357 358 359 360 361 362 363 364 365 366 ... » »»