فقال له إسحاق: لا تحدث بكتب الشافعي ما دمت هنا. فأجابه، فلم يحدثه بها حتى خرج.
قلت: ترى من كان يكتب عن رجل، عن آخر، عن الشافعي، مع وجود إسحاق، وفي نفسي من صحة ذلك.
وقال داود الظاهري: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: ما كنت أعلم أن الشافعي في هذا المحل، ولو علمت لم أفارقه.
وقال محمد بن إبراهيم البوشنجي: قال إسحاق: قدمت مكة فقلت للشافعي: ما حال جعفر بن محمد عندكم فقال: ثقة، كتبنا عن إبراهيم بن أبي يحيى، عنه، أربعمائة حديث.
وقال يونس بن عبد الأعلى: سمعت الشافعي يقول: ما رأيت أفقه من ابن عيينة، أمسكت عن الفتيا منه.
ونقل أبو الشيخ بن حبان وغيره من وجه أن الشافعي لما دخل مصر أتاه جلة أصحاب مالك، واقبلوا عليه، فلما رأوه يخالف مالكا وينقض عليه تنكروا له وجفوه، فأنشأ يقول:
* أأنثر درا بين سارحة النعم * أأنظم مثورا لراعية الغنم * * لعمري لئن ضيعت في شر بلدة * فلست مضيعا بينهم غرر الكلم * * فإن فرج الله اللطيف بلطفه * وصادفت أهلا للعلوم والحكم * * بثثت مفيدا واستفدت ودادهم * وإلا فمخزون لدي ومكتتم * * ومن منح الجهال علما أضاعه * ومن منع المستوجبين فقد ظلم *