وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٦ - الصفحة ٩٥
فقال الفرزدق إن كتاب الله يدرؤه عني بقوله تعالى * (والشعراء يتبعهم الغاوون ألم تر أنهم في كل واد يهيمون وأنهم يقولون ما لا يفعلون) * الشعراء 224 فأنا قلت ما لم أفعل فتبسم سليمان وقال أولى لك وتنسب إليه مكرمة يرجى له بها الجنة وهي أنه لما حج هشام بن عبد الملك في أيام أبيه فطاف وجهد أن يصل إلى الحجر ليستلمه فلم يقدر عليه لكثرة الزحام فنصب له منبر وجلس عليه ينظر إلى الناس ومعه جماعة من أعيان أهل الشام فبينما هو كذلك إذ أقبل زين العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم وقد تقدم ذكره وكان من أحسن الناس وجها وأطيبهم أرجا فطاف بالبيت فلما انتهى إلى الحجر تنحى له الناس حتى استلم فقال رجل من أهل الشام من هذا الذي قد هابه الناس هذه الهيبة فقال هشام لا أعرفه مخافة أن يرغب فيه أهل الشام وكان الفرزدق حاضرا فقال أنا أعرفه فقال الشامي من هذا يا أبا فراس فقال (هذا الذي تعرف البطحاء وطأته * والبيت يعرفه والحل والحرم) (هذا ابن خير عباد الله كلهم * هذا التقي النقي الطاهر العلم) (إذا رأته قريش قال قائلها * إلى مكارم هذا ينتهي الكرم) (ينمى إلى ذروة العز التي قصرت * عن نيلها عرب الإسلام والعجم) (يكاد يمسكه عرفان راحته * ركن الحطيم إذا ما جاء يستلم) (في كفه خيزران ريحه عبق * من كف أروع في عرنينه شمم) (يغضي حياء ويغضى من مهابته * فما يكلم إلا حين يبتسم)
(٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 ... » »»