عن العلوم التي كان أمرها عندهم من أهم الأمور فلذلك انحازوا من بين يدي الفرس إلى الأندلس فلما صاروا إليها أقبلوا على عمارتها فشقوا الأنهار وبنوا المعاقل وغرسوا الجنات والكروم وشيدوا الأمصار وملؤوها حرثا ونسلا وبنيانا فعظمت وطابت حتى قال قائلهم لما رأى بهجتها إن الطائر الذي صورت العمارة على شكله وكان المغرب ذنبه كان طاوسا معظم جماله في ذنبه فاغتبطوا بها أتم اغتباط واتخذوا دار الملك والحكمة بها مدينة طليطلة لأنها وسط البلاد وكان أهم الأمور عندهم تحصينها عمن يتصل به خبرها من الأمم فنظروا فإذا ليس ثم من يحسدهم على أرغد العيش إلا أرباب الشظف والشقاء وهم يوم ذاك طائفتان العرب والبربر فخافوهم على جزيرتهم المعمورة فعزموا أن يتخذوا لدفع هذين الجنسين من الناس طلسما فرصدوا لذلك أرصادا ولما كان البربر بالقرب منهم وليس بينهم سوى تعدية البحر ويرد عليهم منهم طوائف منحرفة الطباع خارجة عن الأوضاع ازدادوا منهم نفورا وكثر تحذيرهم من مخالطتهم في نسب أو مجاورة حتى انبث ذلك في طبائعهم وصار بعضهم مركبا في غرائزهم فلما علم البربر عداوة أهل الأندلس لهم وبغضهم أبغضوهم وحسدوهم فلا تجد أندلسيا إلا مبغضا بربريا ولا بربريا إلا مبغضا أندلسيا إلا أن البربر أحوج إلى أهل الأندلس من أهل الأندلس إلى البربر لكثرة وجود الأشياء بالأندلس وعدمها ببلاد البربر وكان بنواحي غرب جزيرة الأندلس ملك يوناني بجزيرة يقال لها قادس وكانت له ابنة في غاية الجمال فتسامع بها ملوك الأندلس وكانت جزيرة الأندلس كثيرة الملوك لكل بلدة أو بلدتين ملك تناصفا منهم في ذلك فخطبها كل واحد منهم وكان أبوها يخشى من تزويجها لواحد منهم وإسخاط
(٣٢٤)