وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ٣٢٨
هذه مائدة سليمان بن داود عليهما السلام ورأى في البيت ذلك التابوت وعليه قفل ومفتاحه معلق ففتحه فلم يجد فيه سوى رق وفي جوانب التابوت صور فرسان مصورة بأصباغ محكمة التصوير على أشكال العرب وعليهم الفراء وهم معممون على ذوائب جعد ومن تحتهم الخيل العربية وبأيديهم القسي العربية وهم متقلدون بالسيوف المحلاة معتقلون بالرماح فأمر بنشر ذلك الرق فإذا فيه متى فتح هذا البيت وهذا التابوت المقفلان بالحكمة دخل القوم الذين صورهم في التابوت إلى جزيرة الأندلس وذهب ملك اليونان من أيديهم ودرست حكمتهم فهذا هو بيت الحكمة المقدم ذكره فلما سمع لذريق ما في الرق ندم على ما فعل وتحقق انقراض دولتهم فلم يلبث إلا قليلا حتى سمع أن جيشا وصل من المشرق جهزه ملك العرب يستفتح بلاد الأندلس انتهى الكلام على بيت الحكمة ونعود الآن إلى تتمة حديث لذريق وجيش طارق بن زياد فلما رأى طارق لذريق قال لأصحابه هذا طاغية القوم فحمل وحمل أصحابه معه فتفرقت المقاتلة من بين يدي لذريق فخلص إليه طارق وضربه بالسيف على رأسه فقتله على سريره فلما رأى أصحابه مصرع ملكهم اقتحم الجيشان وكان النصر للمسلمين ولم تقف هزيمة اليونان على موضع بل كانوا يسلمون بلدا بلدا ومعقلا معقلا فلما سمع بذلك موسى بن نصير المذكور أولا عبر الجزيرة بمن معه ولحق بمولاه طارق فقال له يا طارق إنه لن يجازيك الوليد بن عبد الملك على بلائك بأكثر من أن يبيحك جزيرة الأندلس فاستبحه هنيئا مريئا فقال طارق أيها الأمير والله لا أرجع عن قصدي هذا ما لم أنته إلى البحر المحيط وأخوض فيه بفرسي يعني البحر الشمالي الذي تحت بنات نعش فلم يزل طارق
(٣٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 323 324 325 326 327 328 329 330 331 332 333 ... » »»