بعضها في بعض في البحر المالح الذي بين جزيرة الأندلس والبر الكبير في الموضع المعروف بزقاق سبتة وسد الفروج التي بين الحجارة بما اقتضته حكمته وأوصل تلك الحجارة من البر إلى الجزيرة وآثارها باقية إلى اليوم في الزقاق الذي بين سبتة والجزيرة الخضراء وأكثر أهل الأندلس يزعمون أن هذا أثر قنطرة كان الإسكندر قد عملها ليعبر عليها الناس من سبتة إلى الجزيرة والله أعلم أي القولين أصح فلما تم تنضيد الحجارة للملك الحكيم جلب إليها الماء العذب من موضع عال في الجبل بالبر الكبير وسلطه في ساقية محكمة البناء وبني بجزيرة الأندلس رحى على هذه الساقية وأما صاحب الطلسم فإنه أبطأ عمله بسبب انتظار الرصد الموافق لعمله غير أنه أعمل أمره وأحكمه وابتنى بنيانا مربعا من حجر أبيض على ساحل البحر في رمل حفر أساسه إلى أن جعله تحت الأرض بمقدار ارتفاعه فوق الأرض ليثبت فلما انتهى البناء المربع إلى حيث اختار صور من النحاس الأحمر والحديد المصفى المخلوطين بأحكم الخلط صورة رجل بربري له لحية وفي رأسه ذؤابة من شعر جعد قائم في رأسه لجعودتها متأبط بصورة كساء قد جمع طرفيه على يده اليسرى بألطف تصوير وأحكمه في رجليه نعل وهو قائم في رأس البناء على مستدق بمقدار رجليه فقط وهو شاهق في الهواء طوله نيف عن ستين ذراعا أو سبعين وهو محدد الأعلى إلى أن ينتهي إلى ما سعته قدر الذراع وقد مد يده اليمنى بمفتاح قفل قابضا عليه مشيرا إلى البحر كأنه يقول لا عبور وكان من تأثير هذا الطلسم في البحر الذي تجاهه أنه لم ير قط ساكنا ولا كانت تجرى فيه قط سفينة بربري حتى سقط المفتاح من يده وكان الملكان العاملان للرحى والطلسم يتسابقان إلى التمام من عملهما إذ كان بالسبق يستحق التزويج وكان صاحب الرحى قد فرغ لكنه يخفي أمره عن صاحب الطلسم حتى لا يعلم به فيبطل عمل الطلسم وكان يود عمل الطلسم حتى
(٣٢٦)