وكان عاقلا كريما شجاعا ورعا تقيا لله تعالى لم يهزم له جيش قط 276 وكان والده نصير على حرس معاوية بن أبي سفيان ومنزلته عنده مكينة ولما خرج معاوية لقتال علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يخرج معه فقال له معاوية ما منعك من الخروج معي ولي عندك يد لم تكافئني عليها فقال لم يمكني أن أشكرك بكفر من هو أولى بشكري فقال ومن هو قال الله عز وجل فقال وكيف لا أم لك قال وكيف لا أعلمك هذا فأعض وأمص قال فأطرق معاوية مليا ثم قال أستغفر الله ورضي عنه وكان عبد الله بن مروان أخو عبد الملك بن مروان واليا على مصر وإفريقية فبعث إليه ابن أخيه الوليد بن عبد الملك أيام خلافته يقول له أرسل موسى بن نصير إلى إفريقية وذلك في سنة تسع وثمانين للهجرة وقال الحافظ أبو عبد الله الحميدي في كتاب جذوة المقتبس إن موسى ابن نصير تولى إفريقية والمغرب سنة سبع وسبعين فأرسله إليها فلما قدمها ومعه جماعة من الجند بلغه أن بأطراف البلاد جماعة خارجين عن الطاعة فوجه ولده عبد الله فأتاه بمائة ألف رأس من السبايا ثم وجه ولده مروان إلى جهة أخرى فأتاه بمائة ألف رأس قال الليث بن سعد فبلغ الخمس ستين ألف رأس وقال أبو شبيب الصدفي لم يسمع في الإسلام بمثل سبايا موسى بن نصير ووجد أكثر مدن إفريقية خالية لاختلاف أيدي البربر عليها وكانت البلاد في قحط شديد فأمر الناس بالصوم والصلاة وإصلاح ذات البين وخرج بهم إلى الصحراء ومعه سائر الحيوانات وفرق بينها وبين أولادها فوقع البكاء والصراخ والضجيج وأقام على ذلك إلى منتصف النهار ثم صلى وخطب بالناس ولم يذكر الوليد بن عبد الملك فقيل له ألا تدعو لأمير المؤمنين فقال هذا مقام لا يدعى فيه لغير
(٣١٩)