يحظى بالمرأة والرحى والطلسم فلما علم اليوم الذي يفرغ صاحب الطلسم في آخره أجرى الماء بالجزيرة من أوله وأدار الرحى واشتهر ذلك واتصل الخبر بصاحب الطلسم وهو في أعلاه يصقل وجهه وكان الطلسم مذهبا فلما تحقق أنه مسبوق ضعفت نفسه فسقط من أعلى البناء ميتا وحصل صاحب الرحى على الرحى والمرأة والطلسم وكان من تقدم من ملوك اليونان يخشى على جزيرة الأندلس من البربر للسبب الذي قدمنا ذكره فاتفقوا وعملوا الطلسمات في أوقات اختاروا أرصادها وأودعوا تلك الطلسمات تابوتا من الرخام وتركوه في بيت بمدينة طليطلة وركبوا على ذلك البيت بابا وأقفلوه وتقدموا إلى كل من ملك منهم بعد صاحبه أن يلقي على ذلك الباب قفلا تأكيدا لحفظ ذلك البيت فاستمر أمرهم على ذلك ولما كان وقت انقراض دولة اليونان ودخول العرب والبربر إلى جزيرة الأندلس وذلك بعد مضي ستة وعشرين ملكا من ملوك اليونان من يوم عملهم الطلسمات بمدينة طليطلة وكان الملك لذريق المذكور السابع والعشرين من ملوكهم فلما جلس في ملكه قال لوزرائه وأهل الرأي من دولته قد وقع في نفسي من أمر هذا البيت الذي عليه ستة وعشرون قفلا شيء وأريد أن أفتحه لأنظر ما فيه فإنه لم يعمل عبثا فقالوا أيها الملك صدقت لم يعمل عبثا ولا أقفل سدى بل المصلحة أن تلقي عليه قفلا كما فعل من تقدمك من الملوك وكانوا آباءك وأجدادك ولم يهملوا هذا فلا تهمله وسر سيرهم فقال إن نفسي تنازعني إلى فتحه ولا بد لي منه فقالوا إن كنت تظن فيه مالا فقدره ونحن نجمع لك من أموالنا نظيره ولا تحدث علينا بفتحه حدثا لا نعرف عاقبته فأصر على ذلك وكان رجلا مهيبا فلم يقدروا على مراجعته وأمر بفتح الأقفال وكان على كل قفل مفتاحه معلقا فلما فتح الباب لم ير في البيت شيئا إلا مائدة عظيمة من ذهب وفضة مكللة بالجواهر وعليها مكتوب
(٣٢٧)