وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ٢٥
وقال ابن بسام في الذخيرة وللمعتمد بن عباد شعر كما انشق الكمام عن الزهر لو صدر مثله عمن جعل الشعر صناعة واتخذه بضاعة لكان رائقا معجبا ونادرا مستغربا فمن ذلك قوله (أكثرت هجرك غير أنك ربما * عطفتك أحيانا علي أمور) (فكأنما زمن التهاجر بيننا * ليل وساعات الوصال بدور) وهذا المعنى ينظر إلى قول بعضهم من جملة أبيات (أسفر ضوء الصبح عن وجهه * فقام خال الخد فيه بلال) (كأنما الخال على خده * ساعة هجر في زمان الوصال) وعزم المعتمد على إرسال حظاياه من قرطبة إلى إشبيلية فخرج معهن يشيعهن فسايرهن من أول الليل إلى الصبح فودعهن ورجع وأنشد أبياتا من جملتها (سايرتهم والليل غفل ثوبه * حتى تبدى للنواظر معلما) (فوقفت ثم مودعا وتسلمت * مني يد الإصباح تلك الأنجما) وهذا المعنى في نهاية الحسن وله في وداعهن أيضا (ولما وقفنا للوداع غدية * وقد خفقت في ساحة القصر رايات) (بكينا دما حتى كأن عيوننا * بجري الدموع الحمر منها جراحات) وهذا ينظر إلى قول القائل (بكيت دما حتى لقد قال قائل * أهذا الفتى من جفن عينيه يرعف)
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»