(حثوا رواحلكم يا أهل أندلس * فما المقام بها إلا من الغلط) (السلك ينثر من أطرافه وأرى * سلك الجزيرة منثورا من الوسط) (من جاور الشر لم يأمن عواقبه * كيف الحياة مع الحيات في سفط) وكان المعتمد بن عباد أكبر ملوك الطوائف وأكثرهم بلادا وكان يؤدي الضريبة للأذفونش فلما ملك طليطلة لم يقبل ضريبة المعتمد طمعا في أخذ بلاده وأرسل إليه يتهدده ويقول له تنزل عن الحصون التي بيدك ويكون لك السهل فضرب المعتمد الرسول وقتل من كان معه فبلغ الخبر للأذفونش وهو متوجه لحصار قرطبة فرجع إلى طليطلة لأخذ آلات الحصار فلما سمع مشايخ الإسلام وفقهاؤها بذلك اجتمعوا وقالوا هذه مدن الإسلام قد تغلب عليها الفرنج وملوكنا مشتغلون بمقاتلة بعضهم بعضا وإن استمرت الحال ملك الفرنج جميع البلاد وجاءوا إلى القاضي عبيد الله بن محمد بن أدهم وفاوضوه فيما نزل بالمسلمين وتشاوروا فيما يفعلونه فقال كل واحد منهم شيئا وآخر ما اجتمع رأيهم عليه أن يكتبوا إلى أبي يعقوب يوسف بن تاشفين ملك الملثمين صاحب مراكش يستنجدونه وسيأتي ذكره في حرف الياء إن شاء الله تعالى فاجتمع القاضي بالمعتمد وأخبره بما جرى فوافقهم على أنه مصلحة وقال له تمضي إليه بنفسك فامتنع فألزمه بذلك فقال أستخير الله سبحانه وخرج من عنده وكتب للوقت كتابا إلى يوسف بن تاشفين يخبره بصورة الحال وسيره مع بعض عبيده إليه فلما وصله خرج مسرعا إلى مدينة سبتة وخرج القاضي ومعه جماعة إلى سبتة للقائه وإعلامه بحال المسلمين فأمر بعبور عسكره
(٢٨)