204 وامتد لعطاف عمود النسب في الولد إلى الظافر محمد بن إسماعيل القاضي فهو أول من نبغ منهم في تلك البلاد وتقدم بإشبيلية إلى أن ولي القضاء بها فأحسن السياسة مع الرعية والملاطفة بهم فرمقته القلوب وكان يحيى بن علي بن حمود الحسني المنعوت بالمعتلي صاحب قرطبة وكان مذموم السيرة فتوجه إلى إشبيلية محاصرا لها فلما نزل عليها اجتمع رؤساء إشبيلية وأعيانها وأتوا القاضي محمدا المذكور وقالوا له أما ترى ما حل بنا من هذا الظالم وما أفسد من أموال الناس فقم بنا نخرج إليه ونملكك ونجعل الأمر إليك ففعل ووثبوا على يحيى فركب إليهم وهو سكران فقتل وتم له الأمر ثم ملك بعد ذلك قرطبة وغيرها من البلاد وقصته مشهورة مع الذي زعم أنه هشام بن الحكم آخر ملوك بني أمية بالأندلس الذي كان المنصور ابن أبي عامر قد استولى عليه وحجبه عن الناس وكان يصدر الأمور عن إشارته ولا يمكنه من التصرف وليس له سوى الاسم والخطبة على المنابر فإنه كان قد انقطع خبره مدة نيف وعشرين سنة وجرت أحوال مختلفة في هذه المدة ثم قيل للقاضي محمد المذكور بعد تملكه واستيلائه على البلاد إن هشام بن الحكم في مسجد بقلعة رباح فأرسل إليه من أحضره وفوض الأمر إليه وجعل نفسه كالوزير بين يديه وفي هذه الواقعة يقول الحافظ أبو محمد ابن حزم الظاهري في كتاب نقط العروس أخلوقة لم يقع في الدهر مثلها فإنه ظهر رجل يقال له خلف الحصري بعد نيف وعشرين سنة من موت هشام ابن الحكم المنعوت بالمؤيد وادعى أنه هشام فبويع وخطب له على جميع منابر الأندلس في أوقات شتى وسفك الدماء وتصادمت الجيوش في أمره وأقام المدعي أنه هشام نيفا وعشرين سنة والقاضي محمد بن إسماعيل في رتبة الوزير بين يديه والأمر إليه ولم يزل الأمر كذلك إلى أن توفي المدعو هشاما فاستبد القاضي محمد بالأمر بعده وكان من أهل العلم والأدب والمعرفة التامة بتدبير الدول ولم يزل ملكا مستقلا إلى أن توفي ليلة الأحد لليلة بقيت من جمادى
(٢٢)