وقد تقدم في ترجمة أبي بكر محمد بن عمار الأندلسي ذكر شيء من قصيدتيه اللتين مدح المعتضد المذكور بهما إحداهما رائية والأخرى ميمية ولولده المعتمد فيه من جملة أبيات (سميدع يهب الآلاف مبتدئا * ويستقل عطاياه ويعتذر) (له يد كل جبار يقبلها * لولا نداها لقلنا إنها الحجر) ولم يزل في عز سلطانه واغتنام مساره حتى أصابته علة الذبحة فلم تطل مدتها ولما أحس بتداني حمامه استدعى مغنيا يغنيه ليجعل ما يبدأ به فألا فأول ما غنى (نطوي الليالي علما أن ستطوينا * فشعشعيها بماء المزن واسقينا) فتطير من ذلك ولم يعش بعده سوى خمسة أيام وقيل إنه ما غنى منها إلا بخمسة أبيات وتوفي يوم الاثنين غرة جمادى الآخرة سنة إحدى وستين وأربعمائة ودفن ثاني يوم بمدينة إشبيلية رحمه الله تعالى وقام بالمملكة بعده ولده المعتمد على الله أبو القاسم محمد قال أبو الحسن علي بن القطاع السعدي المقدم ذكره في كتاب لمح الملح في حق المعتمد المذكور أندى ملوك الأندلس راحة وأرحبهم ساحة وأعظمهم ثمادا وأرفعهم عمادا ولذلك كانت حضرته ملقى الرحال وموسم الشعراء وقبلة الآمال ومألف الفضلاء حتى إنه لم يجتمع بباب أحد من ملوك عصره من أعيان الشعراء وأفاضل الأدباء ما كان يجتمع ببابه وتشتمل عليه حاشيتا جنابه
(٢٤)