وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ٣٦
(برزن نحوك للتسليم خاشعة * أبصارهن حسيرات مكاسيرا) (يطأن في الطين والأقدام حافية * كأنها لم تطأ مسكا وكافورا) ومنها أيضا (لا خد إلا ويشكو الجدب ظاهره * وليس إلا مع الأنفاس ممطورا) (قد كان دهرك إن تأمره ممتثلا * فردك الدهر منهيا ومأمورا) (من بات بعدك في ملك يسر به * فإنما بات بالأحلام مغرورا) ودخل عليه وهو في تلك الحال ولده أبو هاشم والقيود قد عضت بساقيه عض الأسود والتوت عليه التواء الأساود السود وهو لا يطيق إعمال قدم ولا يريق دمعا إلا ممتزجا بدم بعد ما عهد نفسه فوق منبر وسرير وفي وسط جنة وحرير تخفق عليه الألوية وتشرق منه الأندية فلما رآه بكى وعمل (قيدي أما تعلمني مسلما * أبيت أن تشفق أو ترحما) (دمي شراب لك واللحم قد * أكلته لا تهشم الأعظما) (يبصرني فيك أبو هاشم * فينثني والقلب قد هشما) (ارحم طفيلا طائشا لبه * لم يخش أن يأتيك مسترحما) (وارحم أخيات له مثله * جرعتهن السم والعلقما) (منهن من يفهم شيئا فقد * خفنا عليه للبكاء العمى) (والغير لا يفهم شيئا فما * يفتح إلا لرضاع فما) وكان قد اجتمع عنده جماعة من الشعراء وألحوا عليه في السؤال وهو على تلك الحال فأنشد (سألوا اليسير من الأسير وإنه * بسؤالهم لأحق منهم فاعجب)
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»