وقد سبق في شعر الأبيوردي نظيره ومن شعره أيضا (لولا عيون من الواشين ترمقني * وما أحاذره من قول حراس) (لزرتكم لا أكافيكم بجفوتكم * مشيا على الوجه أو سعيا على الرأس) وكتب إلى نداماه من قصره بقرطبة وقد اصطبحوا بالزهراء يدعوهم إلى الاغتباق عنده (حسد القصر فيكم الزهراء * ولعمري وعمركم ما أساء) (قد طلعتم بها شموسا نهارا * فاطلعوا عندنا بدورا مساء) وهذا من بديع المعاني العجيبة والزهراء بفتح الزاي وسكون الهاء وفتح الراء وبعدها همزة ممدودة وهي من عجائب أبنية الدنيا أنشأها أبو المطرف عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله الملقب الناصر أحد ملوك بني أمية بالأندلس بالقرب من قرطبة في أول سنة خمس وعشرين وثلاثمائة ومسافة ما بينهما أربعة أميال وثلثا ميل وطول الزهراء من الشرق إلى الغرب ألفان وسبعمائة ذراع وعرضها من القبلة إلى الجنوب ألف وخمسمائة ذراع وعدد السواري التي فيها أربعة آلاف سارية وثلاثمائة سارية وعدد أبوابها يزيد على خمسة عشر ألف باب وكان الناصر يقسم جباية البلاد أثلاثا فثلث للجند وثلث مدخر وثلث ينفقه على عمارة الزهراء وكانت جباية الأندلس يومئذ خمسة آلاف ألف دينار وأربعمائة ألف وثمانين ألف دينار ومن السوق والمستخلص سبعمائة ألف وخمسة وستون ألف دينار وهي من أهول ما بناه الإنس وأجله خطرا وأعظمه شأنا ذكر ذلك كله ابن بشكوال المقدم ذكره في حرف الخاء في تاريخ الأندلس
(٢٦)