وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٥ - الصفحة ٣٠
من الأموال والذخائر ما لا يحد ولا يحصى ثم رجع إلى مراكش وقد أعجبه حسن بلاد الأندلس وبهجتها وما بها من المباني والبساتين والمطاعم وسائر أصناف الأموال التي لا توجد في مراكش فإنها بلاد بربر وأجلاف العربان وجعل خواص الأمير يوسف يعظمون عنده بلاد الأندلس ويحسنون له أخذها ويغرون قلبه على المعتمد بأشياء نقلوها عنه فتغير عليه وقصده فلما انتهى إلى سبتة جهز إليه العساكر وقدم عليها سير بن أبي بكر الأندلسي فوصل إلى إشبيلية وبها المعتمد فحاصره أشد محاصرة وظهر من مصابرة المعتمد وشدة بأسه وتراميه على الموت بنفسه ما لم يسمع بمثله والناس بالبلد قد استولى عليهم الفزع وخامرهم الجزع يقطعون سبلها سياحة ويخوضون نهرها سباحة ويترامون من شرفات الأسوار فلما كان يوم الأحد العشرين من رجب سنة أربع وثمانين وأربعمائة هجم عسكر الأمير يوسف البلد وشنوا فيه الغارات ولم يتركوا لأحد شيئا وخرج الناس من منازلهم يسترون عوراتهم بأيديهم وقبض على المعتمد وأهله وكان قد قتل له ولدان قبل ذلك أحدهما المأمون وكان ينوب عن والده في قرطبة فحصروه بها إلى أن أخذوه وقتلوه والثاني الراضي كان أيضا نائبا عن أبيه في رندة وهي من الحصون المنيعة فنازلوها وأخذوها وقتلوا الراضي ولأبيهما المعتمد فيهما مراث كثيرة وبعد ذلك جرى بإشبيلية على المعتمد ما ذكرناه ولما أخذ المعتمد قيدوه من ساعته وجعل مع أهله في سفينة قال ابن خاقان في قلائد العقيان في هذا الموضع ثم جمع هو وأهله وحملتهم الجواري المنشآت وضمتهم كأنهم أموات بعدما ضاق عنهم القصر وراق منهم العصر والناس قد حشروا
(٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 25 26 27 28 29 30 31 32 33 34 35 ... » »»