قيل وقيل إنه أنشد الرشيد يوما قوله (طاف الهوى في عباد الله كلهم * حتى إذا مر بي من بينهم وقفا) قال له الرشيد ما الذي رأى فيك حتى وقف عليك قال سألني عن جود أمير المؤمنين فأخبرته فاستحسن الرشيد جوابه ووصله.
قيل إن الرشيد عمل في الليل بيتا ورام أن يشفعه بآخر فامتنع القول عليه فقال علي بالعباس فلما طرق عليه ذعر وفزع أهله فلما وقف بين يدي الرشيد قال له وجهت إليك بسبب بيت قلته ورمت أن أشفعه بمثله فامتنع القول علي فقال يا أمير المؤمنين دعني حتى ترجع إلي نفسي فإني تركت عيالي على حال من القلق عظيمة ونالني من الخوف ما يتجاوز الحد والوصف فانتظر هنيهة ثم أنشده (جنان قد رأيناها * ولم نر مثلها بشرا) فقال العباس بن الأحنف (يزيدك وجهها حسنا * إذا ما زدته نظرا) فقال زدني فقال (إذا ما الليل سال عليك * بالإظلام واعتكرا) (ودج فلم تر قمرا * فأبرزها تر قمرا) فقال له الرشيد قد ذعرناك وأفزعنا عيالك وأقل الواجب أن نعطيك ديتك وأمر له بعشرة آلاف درهم.
وله أعني الرشيد (إن تشق عيني بها فقد سعدت * عينا رسولي وفزت بالخبر)