وفيه يقول أيضا (سمعت الناس ينتجعون غيثا * فقلت لصيدح انتجعي بلالا) وصيدح اسم ناقته وهو بفتح الصاد المهملة وسكون الياء المثناة من تحتها وفتح الدال المهملة وبعدها حاء مهملة وكان بلال أحد نواب خالد بن عبد الله القسري المقدم ذكره في حرف الخاء فلما عزل وولي موضعه يوسف بن عمر الثقفي على العراقين حاسب خالدا ونوابه وعذبهم فمات خالد من عذابه ومات بلال من عذابه أيضا ورأيت في بعض المجاميع أن أبا بردة جلس يوما يفتخر بأبيه ويذكر فضائله وصحبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان في مجلس عام وفيه الفرزدق الشاعر فلما أطال القول في ذلك أراد الفرزدق أن يغض منه فقال لو لم تكن لأبي موسى منقبة إلا أنه حجم رسول الله صلى الله عليه وسلم لكفاه فامتعض أبو بردة من ذلك ثم قال صدقت لكنه ما حجم أحدا قبله ولا بعده فقال الفرزدق كان أبو موسى والله أفضل من أن يجرب الحجامة في رسول الله صلى الله عليه وسلم فسكت أبو بردة على غيظ وحكى غرس النعمة بن الصابىء في بعض تصانيفه أن أبا صفوان خالد ابن صفوان التميمي المشهور بالبلاغة كان يدخل على بلال بن أبي بردة المذكور فيحدثه فيلحن في كلامه فلما كثر ذلك على بلال قال له يا خالد تحدثني أحاديث الخلفاء وتلحن لحن السقاءات يعني النساء اللواتي يسقين الماء للناس فصار خالد بعد ذلك يأتي المسجد ويتعلم الإعراب وكف بصره فكان إذا مر به موكب بلال يقول من هذا فيقال الأمير فيقول خالد سحابة صيف عن قليل تقشع فقيل ذلك لبلال فقال لا تقشع والله حتى يصيبك منها
(١١)