وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٢ - الصفحة ٥٠٠
ولما استقر الأمر لمعاوية دخل عليه يوما فقال له معاوية والله يا أحنف ما أذكر يوم صفين إلا كانت حزازة في قلبي إلى يوم القيامة فقال له الأحنف والله يا معاوية إن القلوب التي أبغضناك بها لفي صدورنا وإن السيوف التي قاتلناك بها لفي أغمادها وإن تدن من الحرب فترا ندن منها شبرا وإن تمش إليها نهرول إليها ثم قام وخرج وكانت أخت معاوية من وراء حجاب تسمع كلامه فقالت يا أمير المؤمنين من هذا الذي يتهدد ويتوعد قال هذا الذي إذا غضب غضب لغضبه مائة ألف من بني تميم لا يدرون فيم غضب وروي أن معاوية أيضا لما نصب ولده يزيد لولاية العهد أقعده في قبة حمراء فجعل الناس يسلمون على معاوية ثم يميلون إلى يزيد حتى جاء رجل ففعل ذلك ثم رجع إلى معاوية فقال يا أمير المؤمنين اعلم أنك لو لم تول هذا أمور المسلمين لأضعتها والأحنف بن قيس جالس فقال له معاوية ما بالك لا تقول يا أبا بحر فقال أخاف الله إن كذبت وأخافكم إن صدقت فقال له معاوية جزاك الله عن الطاعة خيرا وأمر له بألوف فلما خرج لقيه ذلك الرجل بالباب فقال له يا أبا بحر إني لأعلم أن شر من خلق الله سبحانه وتعالى هذا وابنه ولكنهم قد استوثقوا من هذه الأموال بالأبواب والأقفال فليس نطمع في استخراجها إلا بما سمعت فقال له الأحنف أمسك عليك فإن ذا الوجهين خليق أن لا يكون عند الله تعالى وجيها ومن كلام الأحنف في ثلاث خصال ما أقولهن إلا ليعتبر معتبر ما دخلت بين اثنين قط حتى يدخلاني بينهما ولا أتيت باب أحد من هؤلاء ما لم
(٥٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 492 493 494 495 499 500 501 502 503 504 505 ... » »»