عددك وأوهنت عضدك وأشمت عدوك وأسأت بقومك خلوا سبيله واحملوا إلى أم المقتول ديته فإنها غريبة ثم انصرف القاتل وما حل قيس حبوته ولا تغير وجهه وكان زياد بن أبيه في مدة ولايته العراقين كثير الرعاية لحارثة بن بدر الغداني وللأحنف وكان حارثة مكبا على الشراب فوقع أهل البصرة فيه عند زياد ولاموا زيادا في تقريبه ومعاشرته فقال لهم زياد يا قوم كيف لي باطراح رجل هو يسايرني منذ دخلت العراق ولم يصكك ركابي ركاباه قط ولا تقدمني فنظرت إلى قفاه ولا تأخر عني فلويت إليه عنقي ولا أخذ علي الروح في صيف قط ولا الشمس في شتاء قط ولا سألته عن شيء من العلوم إلا وظننته لا يحسن سواه ثم وجدت هذا الكلام في كتاب ربيع الأبرار تأليف الزمخشري في باب معاشرة الناس على هذه الصورة والله أعلم وأما الأحنف فلم يكن فيه ما يقال فلما مات زياد وتولى ولده عبيد الله قال لحارثة إما أن تترك الشراب أو تبعد عني فقال له حارثة قد علمت حالي عند والدك فقال عبيد الله إن والدي كان قد برع بروعا لا يلحقه معه عيب وأنا حدث وإنما أنسب إلى من يغلب علي وأنت رجل تديم الشراب فمتى قربتك فظهرت رائحة الشراب منك لم آمن أن يظن بي فدع النبيذ وكن أول داخل علي وآخر خارج عني فقال له حارثة أنا لا أدعه لمن يملك ضري ونفعي أفأدعه للحال عندك قال فاختر من عملي ما شئت قال توليني سرق فقد وصف لي شرابها وتضم إليها رام هرمز فولاه إياهما فلما خرج شيعه الناس فقال له أنس بن أبي أنس وقيل أبو الأسود الدؤلي (أحار بن بدر قد وليت إمارة * فكن جرذا فيها تخون وتسرق) (ولا تحتقر يا حار شيئا وجدته * فحظك من مال العراقين سرق)
(٥٠٢)