وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٢ - الصفحة ٥١٣
(يكلفني القاضي الجليل مسائلا * هي النجم قدرا بل أعز وأطول) (ولو لم أجب عنها لكنت بجهلها * جديرا ولكن من يودك مقبل) فأجبته عنه وقلت (أنار ضميري من يعز نظيره * من الناس طرا سابغ الفضل مكمل) (ومن قلبه كتب العلوم بأسرها * وخاطره في حدة النار مشعل) (تساوى له سر المعاني وجهرها * ومعضلها باد لديه مفصل) (ولما أنار الحب قاد منيعه * أسيرا بأنواع البيان يكبل) (وقربه من كل فهم بكشفه * وإيضاحه حتى رآه المغفل) (وأعجب منه نظمه الدر مسرعا * ومرتجلا من غير ما يتمهل) (فيخرج من بحر ويسمو مكانه * جلالا إلى حيث الكواكب تنزل) (فهنأه الله الكريم بفضله * محاسنه والعمر فيها مطول) فأجاب مرتجلا وأملى على الرسول (ألا أيها القاضي الذي بدهائه * سيوف على أهل الخلاف تسلل) (فؤادك ممهور من العلم آهل * وجدك في كل المسائل مقبل) (فإن كنت بين الناس غير ممول * فأنت من الفهم المصون ممول) (إذا أنت خاطبت الخصوم مجادلا * فأنت وهم مثل الحمائم أجدل) (كأنك من في الشافعي مخاطب * ومن قلبه تملي فما تتمهل) (وكيف يرى علم ابن إدريس دارسا * وأنت بإيضاح الهدى متكفل) (تفضلت حتى ضاق ذرعي بشكر ما * فعلت وكفي عن جوابك أجمل) (لأنك في كنه الثريا فصاحة * وأعلى ومن يبغي مكانك أسفل) (فعذرك في أني أجبتك واثقا * بفضلك فالإنسان يسهو ويذهل) (وأخطأت في إنفاذ رقعتك التي * هي المجد لي منها أخير وأول) (ولكن عداني أن أروم احتفاظها * رسولك وهو الفاضل المتفضل)
(٥١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 506 509 510 511 512 513 514 515 516 517 518 ... » »»