(وباه تميما بالغنى إن للغنى * لسانا به المرء الهيوبة ينطق) (فإن جميع الناس إما مكذب * يقول بما تهوى وإما مصدق) (يقولون أقوالا ولا يعلمونها * ولو قيل هاتوا حققوا لم يحققوا) وأما الأحنف فإنه تغيرت منزلته عند عبيد الله أيضا وصار يقدم عليه من لا يساويه ولا يقاربه ثم إن عبيد الله جمع أعيان العراق وفيهم الأحنف وتوجه بهم إلى الشام للسلام على معاوية فلما وصلوا دخل عبيد الله على معاوية وأعلمه بوصول رؤساء العراق فقال أدخلهم إلي أولا فأول على قدر مراتبهم عندك فخرج إليهم وأدخلهم على الترتيب كما قال معاوية وآخر من دخل الأحنف فلما رآه معاوية وكان يعرف منزلته ويبالغ في إكرامه لتقدمه وسيادته قال له إلي يا أبا بحر فتقدم إليه فأجلسه معه على مرتبته وأقبل عليه يسأله عن حاله ويحادثه وأعرض عن بقية الجماعة ثم إن أهل العراق أخذوا في الشكر من عبيد الله والثناء عليه والأحنف ساكت فقال له معاوية لم لا تتكلم يا أبا بحر فقال إن تكلمت خالفتهم فقال له معاوية اشهدوا علي أنني قد عزلت عبيد الله عنكم قوموا انظروا في أمير أوليه عليكم وترجعون إلي بعد ثلاثة أيام فلما خرجوا من عنده كان فيهم جماعة يطلبون الإمارة لأنفسهم وفيهم من عين غيره وسعوا في السر مع خواص معاوية أن يفعل لهم ذلك ثم اجتمعوا بعد انقضاء الثلاثة كما قال معاوية والأحنف معهم ودخلوا عليه فأجلسهم على ترتيبهم في المجلس الأول وأخذ الأحنف إليه كما فعل أولا وحادثه ساعة ثم قال ما فعلتم فيما انفصلتم عليه فجعل كل واحد يذكر شخصا وطال حديثهم في ذلك وأفضى إلى منازعة وجدال والأحنف ساكت ولم يكن في الأيام الثلاثة تحدث مع أحد في شيء فقال له معاوية لم لا تتكلم يا أبا بحر فقال الأحنف إن وليت أحدا من أهل بيتك لم تجد من يعدل عبيد الله ولا يسد مسده وإن وليت من غيرهم فذلك إلى رأيك ولم يكن في
(٥٠٣)