وتكلم الأحنف فقال يا أمير المؤمنين إن هذا القائل آنفا لو يعلم أن رضاك في لعن المرسلين لفعل فاتق الله ودع عنك عليا فقد لقي ربه وأفرد في قبره وخلا بعمله وكان والله المبرز سيفه الطاهر ثوبه الميمون نقيبته العظيم مصيبته فقال معاوية يا أحنف لقد أغضيت العين عن القذى وقلت فيما ترى وأيم الله لتصعدن المنبر ولتلعنته طوعا أو كرها فقال له الأحنف يا أمير المؤمنين إن تعفني فهو خير لك وإن تجبرني فوالله لا تجري به شفتاي أبدا قال قم فاصعد قال الأحنف اما والله مع ذلك لأنصفنك في القول والفعل قال وما أنت قائل يا أحنف يقال إن أنصفتني قال أصعد المنبر فأحمد لله تعالى بما هو أهله وأصلي على نبيه صلى الله عليه وسلم ثم أقول أيها الناس يقال إن أمير المؤمنين معاوية أمرني أن ألعن عليا ألا وإن عليا ومعاوية اقتتلا واختلفا فادعى كل منهما انه مبغي عليه وعلى فئته فإذا دعوت فأمنوا رحمكم الله ثم أقول اللهم العن أنت وملائكتك وأنبياؤك وجميع خلقك الباغي منهما على صاحبه والعن الفئة الباغية لعنا كثيرا أمنوا رحمكم الله يا معاوية لا أزيد على هذا حرفا ولا انقص منه حرفا ولو كان فيه ذهاب نفسي فقال معاوية إذن نعفيك أبا بحر ومثل هذا ما قاله معاوية أيضا لعقيل بن أبي طالب رضي الله عنه يقال إن عليا قد قطعك ووصلتك ولا يرضيني منك إلا أن تلعنه على المنبر قال أفعل قال فاصعد المنبر فصعد ثم قال بعد أن حمد الله وأثنى عليه أيها الناس أمرني أن ألعن علي بن أبي طالب أمير المؤمنين معاوية بن أبي سفيان فالعنوه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ثم نزل فقال له معاوية انك لم تبين قال والله لا زدت حرفا ولا نقصت آخر والكلام على نية المتكلم وكان الأحنف بن قيس يقول عجبت لمن جرى في مجرى البول كيف يتكبر وكان يقول أكرموا سفهاءكم فإنهم يكفونكم العار والنار وقال الأحنف شكوت إلى عمي مصيبة نزلت بي فأسكتني ثلاثا ثم قال لي يا أبا بحر لا تشك الذي نزل بك إلى مخلوق فإنما هو صديق تسوءه أو عدو تسره
(٥٠٥)