الحاضرين الذين بالغوا في المجلس الأول في الثناء على عبيد الله من ذكره في هذا المجلس ولا سأل عوده إليهم فلما سمع معاوية مقالة الأحنف قال للجماعة اشهدوا علي أني أعدت عبيد الله إلى ولايته فكل منهم ندم على عدم تعيينه وعلم معاوية أن شكرهم لعبيد الله لم يكن لرغبتهم فيه بل كما جرت العادة في حق المتولي فلما فصل الجماعة من مجلس معاوية خلا بعبيد الله وقال له كيف ضيعت مثل هذا الرجل يعني الأحنف فإنه عزلك وأعادك إلى الولاية وهو ساكت وهؤلاء الذين قدمتهم عليه واعتمدت عليهم لم ينفعوك ولا عرجوا عليك لما فوضت الأمر إليهم فمثل الأحنف من يتخذه الانسان عونا وذخرا فلما عادوا إلى العراق أقبل عليه عبيد الله وجعله بطانته وصاحب سره ولما جرت لعبيد الله تلك الكائنة المشهورة لم ينفعه فيها سوى الأحنف وتخلى عنه الذين كان يعتقدهم أعوانا وبقي الأحنف إلى زمن مصعب بن الزبير فخرج معه إلى الكوفة فمات بها سنة سبع وستين للهجرة وقيل إحدى وسبعين وقيل سبع وسبعين وقيل ثمان وستين عن سبعين سنة والأول أشهر رضي الله عنه وكان قد كبر جدا ودفن بالثوية عند قبر زياد وحكى عبد الرحمن بن عمارة بن عقبة بن أبي معيط قال حضرت جنازة الأحنف بن قيس بالكوفة فكنت فيمن نزل قبره فلما سويته رأيته قد فسح له مد بصري فأخبرت بذلك أصحابي فلم يروا ما رأيت ذكر ذلك ابن يونس في تاريخ مصر المختص بالغرباء في ترجمة عبد الرحمن المذكور وهو أحد السادات الطلس كما تقدم في أخبار القاضي شريح وحدث الكندي عن أبيه قال يقال إن معاوية بن أبي سفيان بينا هو جالس وعنده وجوه الناس فيهم الأحنف بن قيس إذ دخل رجل من أهل الشام فقام خطيبا فكان آخر كلامه أن سب عليا رضي الله عنه فأطرق الناس
(٥٠٤)