وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٢ - الصفحة ٤٨
(سقاها فرواها بشرب سجاله * دماء رجال حيث مال حشاها) (إذا سمع الحجاج ذكر كتيبة * أعد لها قبل النرول قراها) (أعد لها مسمومة فارسية * بأيدي رجال يحلبون صراها) (فما ولد الأبكار والعون مثله * ببحر ولا أرض يجف ثراها) قال فلما قالت هذا البيت قال الحجاج قاتلها الله والله ما أصاب صفتي شاعر منذ دخلت العراق غيرها ثم التفت إلى عنسبة بن سعيد فقال والله إني لأعد للأمر عسى أن لا يكون أبدا ثم التفت إليها فقال حسبك ويحك ثم قال يا فلان اذهب بها إلى فلان فقل له اقطع لسانها فأمر بإحضار حجام فقالت ثكلتك أمك أما سمعت ما قال إنما أمرك بقطع لساني بالبر والصلة فبعث إليه فاستشاط الحجاج غضبا وهم بقطع لسانه فقال ارددها فلما دخلت عليه قالت كاد والله أيها الأمير يقطع مقولي ثم أنشأت تقول (حجاج أنت الذي ما فوقه أحد * إلا الخليفة والمستغفر الصمد) (حجاج أنت شهاب الحرب إن لقحت * وأنت للناس نور في الدجى يقد) ثم أقبل الحجاج على جلسائه فقال أتدرون من هذه قالوا لا والله أيها الأمير إلا أننا لم نر امرأة قط أفصح منها لسانا ولا أحسن محاورة ولا أملح وجها ولا أرصن شعرا منها قال هذه ليلى الأخيلية التي مات توبة الخفاجي من حبها ثم التفت إليها فقال أنشدينا يا ليلى بعض ما قال فيك توبة فقالت نعم أيها الأمير هو الذي يقول (حمامة بطن الواديين ترنمي * سقاك من الغر الغوادي مطيرها) (أبيني لنا لا زال ريشك ناعما * ولا زلت في خضراء غض نضيرها) (وكنت إذا ما جئت ليلى تبرقعت * فقد رابني منها الغداة سفورها) (يقول رجال لا يضيرك نأيها * بلى كل ما شف النفوس يضيرها) (بلى قد يضير العين أن تكثر البكا * ويمنع منها نومها وسرورها) (وقد زعمت ليلى بأني فاجر * لنفسي تقاها أو عليها فجورها)
(٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 53 ... » »»