عصره أدبا وفضلا وكرما ومجدا وبلاغة وبراعة وفروسية وشجاعة وشعره مشهور سائر بين الحسن والجودة والسهولة والجزالة والعذوبة والفخامة والحلاوة ومعه رواء الطبع وسمة الظرف وعزة الملك ولم تجتمع هذه الخلال قبله إلا في شعر عبد الله بن المعتز وأبو فراس يعد أشعر منه عند أهل الصنعة ونقدة الكلام وكان الصاحب بن عباد يقول بدىء الشعر بملك وختم بملك يعني امرأ القيس وأبا فراس وكان المتنبي يشهد له بالتقدم والتبريز ويتحامى جانبه فلا ينبري لمباراته ولا يجترىء على مجاراته وإنما لم يمدحه ومدح من دونه من آل حمدان تهيبا له وإجلالا لا إغفالا وإخلالا وكان سيف الدولة يعجب جدا بمحاسن أبي فراس ويميزه بالإكرام على سائر قومه ويستصحبه في غزواته ويستخلفه في أعماله وكانت الروم قد أسرته في بعض وقائعها وهو جريح قد أصابه سهم بقي نصله في فخذه ونقلته إلى خرشنة ثم منها إلى قسطنطينية وذلك في سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة وفداه سيف الدولة في سنة خمس وخمسين قلت هكذا قال أبو الحسن علي بن الزراد الديلمي وقد نسبوه في ذلك إلى الغلط وقالوا أسر أبو فراس مرتين فالمرة الأولى بمغارة الكحل في سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة وما تعدوا به خرشنة وهي قلعة ببلاد الروم والفرات يجري من تحتها وفيها يقال إنه ركب فرسه وركضه برجله فأهوى به من أعلى الحصن إلى الفرات والله أعلم والمرة الثانية أسره الروم على منبج في شوال سنة إحدى وخمسين وحملوه إلى قسطنطينية وأقام في الأسر أربع سنين وله في الأسر أشعار كثيرة مثبتة في ديوانه وكانت مدينة منبج إقطاعا له ومن شعره (قد كنت عدتي التي أسطو بها * ويدي إذا اشتد الزمان وساعدني)
(٥٩)