وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٢ - الصفحة ٤٧
وقيل أخذ الحجاج أعرابيا سرق فأمر بضربه فضرب فكلما ضربه بالسوط قال اللهم شكرا فأتاه ابن عم له وقال والله ما دعا الأمير إلى التمادي في ضربك إلا لكثرة شكرك لأن الله تعالى يقول * (لئن شكرتم لأزيدنكم) * فأمر بإطلاقه وحدث محمد بن القاسم الأنباري عن المدئني عن مولى لعنبسة بن سعيد بن العاص قال كنت أدخل مع عنبسة إذا دخل على الحجاج فدخل يوما ودخلت معه وليس عند الحجاج أحد غير عنسبة فقعدت فجيء الحجاج بطبق رطب فأخذ الخادم منه شيئا فجاءني به ثم جيء بطبق آخر فأتاني الخادم منه بشيء ثم جيء بطبق آخر حتى كثرت الأطباق وجعل لا يأتون بشيء إلا جاءني منه بشيء حتى ظننت أن ما بين يدي أكثر ما عندهم ثم جاء الحاجب فقال امرأة بالباب فقال الحجاج أدخلها فدخلت فلما رآها الحجاج طأطأ رأسه حتى ظننت أن ذقنه قد أصاب الأرض فجاءت حتى قعدت بين يديه فنظرت فإذا امرأة حسنة الخلق ومعها جاريتان لها فإذا هي ليلى الأخيلية فسألها الحجاج عن نسبها فانتسبت له فقال لها يا ليلى ما الذي أتى بك قالت إخلاف النجوم وقلة الغيوم وكلب البرد وشدة الجهد وكنت لنا بعد الله الرفد فقال لها صفي لنا الفجاج فقالت الفجاج مغبرة والأرض مقشعرة والمبرك معتل وذو العيال مختل والهالك للقل والناس مسنتون رحمة الله يرجون قد أصابتنا سنون مجحفة مبلطة لم تدع لنا هبعا ولا ربعا ولا عافطة ولا نافطة أذهبت الأموال ومزقت الرجال وأهلكت العيال ثم قالت إني قلت في الأمير قولا قال هاتي فأنشأت تقول (أحجاج لا يفلل سلاحك إنما المنايا * بكف الله حيث يراها) (أحجاج لا تعطي العداة مناهم * ولا الله يعطي للعداة مناها) (إذا نزل الحجاج أرضا مريضة * تتبع أقصى دائها فشفاها) (شفاها من الداء العضال الذي بها * غلام إذا هز القناة سقاها)
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»