وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان - ابن خلكان - ج ٢ - الصفحة ٤٤
يده من مطرفه ويزجر الزجرة فيفزع بها من في أقصى المسجد وكان يطعم كل يوم على ألف مائدة على كل مائدة ثريد وطرف من شواء وسمكة طرية ويطاف به في محفة على تلك الموائد ليتفقد أمور الناس وعلى كل مائدة عشرة ثم يقول يا أهل الشام اكسروا الخبز لئلا يعود عليكم وكان له ساقيان أحدهما يسقي الماء والعسل والآخر يسقي اللبن ولما دخل الحجاج إلى مكة اعتذر إلى أهلها لقلة ما وصلهم به فقال قائل منهم إنا والله لا نعذرك وأنت أمير العراقين وابن عظيم القريتين وذلك أن عروة بن مسعود ولده من قبل أمه والقريتان مكة والطائف أمر الحجاج ابن القرية أن يأتي هند بنت أسماء فيطلقها بكلمتين ويمتعها بعشرة آلاف درهم فأتاها فقال لها إن الحجاج يقول لك كنت فبنت وهذه عشرة آلاف درهم متعة لك فقالت قل له كنا فما حمدنا وبنا فما ندمنا وهذه الدراهم مشاركتك إياي بطلاقي ووفد الحجاج على الوليد بن عبد الملك في خلافته فوجده في بعض نرهه فاستقبله فلما رآه ترجل له وقبل يده وجعل يمشي وعليه درع وكنانة وقوس عربية فقال له الوليد اركب أبا محمد فقال يا أمير المؤمنين دعني أستكثر من الجهاد في خدمتك فإن ابن الزبير وابن الأشعث شغلاني عنه فعزم عليه الوليد حتى ركب ودخل الوليد داره فتغلل في غلالة ثم أذن للحجاج فدخل في حاله تلك وأطال الجلوس عنده إذ جاءت جارية فساررته وانصرفت فقال الوليد للحجاج أتدري ما هذا أبا محمد قال لا والله قال بعثت ابنة عمي أم البنين بنت عبد العزيز تقول ما مجالستك هذا الأعرابي المستلئم في السلاح وأنت في غلالة فأرسل إليها إنه الحجاج فراعها ذلك وقالت والله ما أحب أن يخلو بك وقد قتل الخلق فقال الحجاج يا أمير المؤمنين دع عنك مفاكهة النساء بزخرف القول فإنما المرأة ريحانة وليست بقهرمانة فلا تطلعهن على سرك ولا مكايدة عدوك ولا تطمعهن في غير أنفسهن ولا تشغلهن بأكثر من
(٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 39 40 41 42 43 44 45 46 47 48 49 ... » »»