مقاديره وألوانه وارتشوا على ذلك. فقال القائل: حبذا الامارة ولو على الحجارة.
وقال أبو عبيدة: كان جانب المسجد الشمالي متزويا لأنه كانت هناك دار لنافع بن الحارث بن كلدة. فأبى ولده بيعها. فلما ولى معاوية عبيد الله بن زياد البصرة قال عبيد الله لأصحابه: إذا شخص عبد الله بن نافع إلى أقصى ضيعته فأعلموني ذلك. فشخص إلى قصره الأبيض الذي على البطيحة. فأخبر عبيد الله بذلك. فبعث الفعلة فهدموا من تلك الدار ما سوى به تربيع المسجد.
وقدم ابن نافع، فضج إليه من ذلك. فأرضاه بأن أعطاه بكل ذراع خمسة أذرع. وفتح (ص 348) له في الحائط خوخة إلى المسجد. فلم تزل الخوخة في حائطه حتى زاد المهدى أمير المؤمنين في المسجد. فأدخلت الدار كلها فيه، وأدخلت فيه أيضا دار الامارة في خلافة الرشيد رحمه الله.
وقال أبو عبيدة: لما قدم الحجاج بن يوسف العراق أخبر أن زيادا ابتنى دار الامارة بالبصرة. فأراد أن يزيل اسمه عنها، فهم ببنائها بجص وآجر. فقيل له: إنما تزيد اسمه فيها ثباتا وتوكدا. فهدمها وتركها. فبنيت عامة الدور حولها من طينها ولبنها وأبوابها.
فلم تكن بالبصرة دار إمارة حتى ولى سليمان بن عبد الملك. فاستعمل صالح ابن عبد الرحمن على خراج العراق. فحدثه صالح حديث الحجاج وما فعل في دار الامارة. فأمره بإعادتها. فأعادها بالآجر والجص على أساسها، ورفع سمكها.
فلما ولى عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، وولى عدى بن أرطاة الفزاري البصرة، أراد عدى أن يبنى فوقها غرفا. فكتب إليه عمر: هبلتك أمك يا بن أم عدى! أيعجز عنك منزل وسع زيادا وآل زياد؟
فأمسك عدى عن إتمام تلك الغرف وتركها.