العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١١٨
وزعموا أن الله أنزل: " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون (1) ".
قيل لهم: أما ظاهر الكلام فيدل على ما قال أصحاب التأويل، كابن عباس وغيره، حين زعموا أنها نزلت في عبد الله بن سلام (2)، ورهط من مشركي أهل الكتاب، وذلك أنهم أتوا النبي صلى الله عليه عند الظهر فقالوا: يا رسول الله، إن بيوتنا قاصية ولا نجد مسجدا دون هذا المسجد، وإن قومنا لما صدقنا الله ورسوله عادونا وتركوا مخالطتنا، وأقسموا ألا يكلمونا.
فبينما هم يشكون عداوة قومهم لهم إذ نزلت " إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " فلما قرأها النبي صلى الله عليه قالوا: رضينا بولاية الله ورسوله والمؤمنين. وأذن بلال للصلاة (3)، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى المسجد وهم معه، والناس من بين راكع وساجد، وقائم وقاعد، فتلا النبي صلى الله عليه: " ومن يتول الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون (4) " الآية. فإن تكن هذه الآية كما قال ابن عباس ومجاهد، فليس لعلى فيها ذكر. وإن يكن الامر ليس على ما قال ابن عباس فليس تأويل الرافضة بأقرب التأويل.

(1) الآية 55 من سورة المائدة.
(2) سلام، بتخفيف اللام. أسلم عبد الله قبل وفاة الرسول بعامين، وكان قبل من أحبار يهود، توفى سنة 43. الإصابة 4716.
(3) في الأصل: " الصلاة ".
(4) هي الآية 56 من سورة المائدة.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»