ولم تكن صلاة واحدة فيكون خلسة (1). والقوم كانوا أشد تقديما لذلك المقام من أن يدعوا رجلا لم يقهرهم بسيف، ولم يمتنع عليهم بعشيرة، ولم يفض فيهم الأموال، وليس معه فضل بائن، ولا سبب من من قرابة، ولا أمر من النبي صلى الله عليه.
فإن صاروا إلى الاعتلال بالأحاديث وذكر الآثار قالوا (1): إنما نحتاج إلى المقابلة بين أفعال على وأفعال غيره، لو كنا لا نجد له غير الافعال.
فإذا كنا قد وجدنا له من غير الافعال ما هو أدل على الفضيلة من الافعال، لم يكن لنا أن نتخطى الأفضل إلى الانقص في دفع المتغلب، وإقامة المستحق عند ظهوره وزوال التقية فيه. لا أنهم (3) قابلوا بين جميع المهاجرين في القرب والبعد، ولا أنهم صنعوا العلم بفضله بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنهم قوم قد كانوا من قبل ذلك بثلاث وعشرين سنة يرى بعضهم بعضا ويعرف بعضهم أمر بعض، يغزون معا ويقيمون معا، ويسمعون من النبي صلى الله عليه القول بعد القول، ويرون أحوال الرجال عند النبي صلى الله عليه، وفى المسلمين وفى أنفسهم، فعلموا بذلك فضل أبى بكر، فلما توفى النبي لم يحتاجوا مع علمهم الأول إلى أن يضعوا علما ثانيا.
ولو أن رجلا منا شاهد النبي صلى الله عليه وأصحابه سنة واحدة ما خفى عليه من المقدم عنده وعند المسلمين، ومن أشبههم به هديا