العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٢٤
قيل لهم، فلعل قولهم: إن حمزة أسد الله، وأسد رسوله، وإن جعفرا الطيار في الجنة، وإن الزبير حواري رسول الله، مولد موضوع صنعته الشيعة، وأحدثه أتباع الزبير يوم الجمل، لا فرق بين ذلك.
وكيف يكون اسم الصديق مولدا محدثا، وأكثر من تكلم به ليسوا بذوي نحلة فيتقدروا (1) له، ولا بذوي معرفة فيعرفوا فضله، ولا ذوي قرابة فيطلبوا السبق به، مع الذي نجده في الاشعار الصحيحة القديمة، وليس بين الاشعار والاخبار فرق إذا جاءت مجئ الحجج.
وإنما ذكرنا الاشعار مع الاخبار ليعرفوا ظهور أمره، ووجوه دلائله وقهر أسبابه، وليكون آنس للقلوب، وأسكن للنفوس، وأقطع لشغب الخصم، ولجحد (2) المنازع.
فمما جاء من الاشعار في ذلك قول شريح بن هانئ الحارثي (3)، وكان معمرا وكان شيعيا، وهو يرتجز في بعض حروبه:
أصبحت ذا بث أقاسى الكبرا * قد عشت بين المشركين أعصرا (4) ثمت أدركت الرسول المنذرا (5) * وبعده صديقه وعمرا

(1) فيتقدروا، مهملة في الأصل. والتقدر: التقدير، والتهيؤ.
(2) في الأصل: " ويجحد ".
(3) أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وبعثه على في التحكيم على أربعمائة رجل، وقتل غازيا بسجستان مع عبد الله بن أبي بكرة في ولاية الحجاج بن يوسف سنة 79. وعاش مائة وعشر سنين، أو عشرين ومائة سنة، الإصابة، وتهذيب التهذيب، والمعمرين للسجستاني 38 والطبري 7: 282.
(4) الإصابة: " وعشت ".
(5) الإصابة والمعمرين والطبري: " النبي المنذرا ".
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 127 128 129 ... » »»