العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٠٣
من بني هاشم مطاع متبوع غير العباس بن عبد المطلب. ولا يجوز أن يقول الله للعباس ومن كان في ذراه ممن يسمع له وينفذ لامره:
" إلا تنصروه فقد نصره الله " وقد علم أن العباس وأشباهه من مشيخة بنى عبد مناف لا أعوان لهم يومئذ من بنى عبد مناف، لان بنى عبد مناف دنيا (1) على قربهم وقرابتهم، كانوا أشد الخلق على رسول الله، كأبى سفيان بن حرب، وعقبة بن أبي معيط، والحكم بن أبي العاص، وأبى أحيحة، وعتبة بن ربيعة، وشيبة بن ربيعة، والوليد بن عتبة، وفلان وفلان. ولم تكن أمية انمازت في ذلك الدهر من هاشم، وكان يقال للحيين: عبد مناف. [و] كان من أمر عثمان الذي بلغك.
فقد دل الكلام على أن الله إنما عنى بالآية المؤمنين دون الكافرين، إذ كانت مخاطبة العادي والخاذل على ما وصفنا. وليس أنه أراد تأنيب المؤمنين وتقريع المهاجرين، ولكنه أخبر عن تقصيرهم عن فضيلة أبى بكر إذ ظعنوا وأقام. وليس النقص في الفضل كالنقص في الفرض. فكأنه تعالى وعز قال: لو كنتم صبرتم مع نبيكم. ما أقام، إلى وقت الاذن (2) كصبر أبى بكر معه، ولم تخرجوا هاربين جازعين، ولدار نبيكم مهاجرين، كان أشد لصبركم، وأكمل لرغبتكم، وأنم لتقيتكم. وليس أنكم عصيتم في خروجكم، ولكن بعض الصبر والاحتمال أفضل من بعض، وكذلك الطاعة تطوعها وفرضها، كما قد علمتم أن بلالا وخبابا وعمارا حين فضهم (3) المشركون عن دينهم جزع عمار وأعطاهم الرضا، مع انطواء قلبه

(1) يقال هو ابن عمه دنيا. أي لحا. (2) أي الاذن بالخروج والهجرة.
(3) كذا في الأصل مع شدة فوق الضاد. و " فتنهم " أولى بهذا المقام.
(١٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 98 99 100 101 102 103 104 105 106 107 108 ... » »»