العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٠٨
السكينة نزلت على من لم يخل من السكينة وقلة الاضطراب، وعلى المسهل على صاحبه والمطيب لنفسه (1) والمبشر له بالنصر، حين يقول:
" لا تحزن إن الله معنا ". وهو كما أخبر أبو معاوية الضرير، عن عبد العزيز بن سياه، عن حبيب بن أبي ثابت: في قول الله:
" فأنزل الله سكينته عليه " قال: على أبى بكر، فأما النبي صلى الله عليه فقد كانت السكينة عليه من قبل ذلك *).
فإن قالوا: فكيف وقد قال الله على نسق الكلام: " وأيده بجنود لم تروها " والمؤيد بالجنود في هذا الموضع لا يجوز أن يكون إلا النبي صلى الله عليه، لان الجنود الذين عنى الله ملائكته.
قيل لهم: وما تنكرون أن يكون الله أيد رجلا بالملائكة، بشفاعة النبي صلى الله عليه وبشارته وبحق صحبته. كما أيد الله جميع أهل بدر بالملائكة. وكما زعموا أن الملائكة نزلت في زي الزبير، وليس أن الله حين أيد أبا بكر بالملائكة أنه أراه جبريل وميكائيل، ولكن

(1) في الأصل: " والمطيع لنفسه " انظر ما مضى في الصفحة السابقة س 9.
*) الكلام من " وفى قول الله " ص 107 س 17 إلى هنا هو موضوع الرد (28) الذي سيأتي في نهاية الكتاب. والنص عند ابن أبي الحديد 3: 271:
" قال الجاحظ: ومن جحد كون أبى بكر صاحب رسول الله فقد كفر، لأنه جحد نص الكتاب. ثم انظر إلى ما في قوله تعالى: " إن الله معنا " من الفضيلة لأبي بكر، لأنه شريك رسول الله صلى الله عليه وآله في كون الله تعالى معه، وإنزال السكينة. قال كثير من الناس:
إنه في الآية مخصوص بأبي بكر، لأنه كان محتاجا إلى السكينة لما تداخله من رقة الطبع البشرى والنبي صلى الله عليه وآله كان غير محتاج إليها، لأنه يعلم أنه محروس من الله تعالى، فلا معنى لنزول السكينة عليه. وهذه فضيلة ثالثة لأبي بكر ". وقد جمع هذا النص بين ما ورد في ص 44، 50 - 51.
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»