العثمانية - الجاحظ - الصفحة ١٠٠
من المهاجرين والأنصار، كل ذلك يخبر عن فضله، ويدل فيه على مكانه منه، ويثنى عليه ويزكيه ويعظمه. وليس من أفرد الله فيه الآى، وأفرده بالذكر كمن ذكره في جملة المؤمنين، وجمهور الأنصار والمهاجرين.
ولا سبيل إلى المعرفة بأن الله عنى بآية كذا وآية كذا فلانا دون غيره إلا بضربين: إما أن يكون اسمه وخاصة نسبه ونعته (1) مسطورا في الآية، كما ذكر فرعون وأبا لهب، وفلانا وفلانا، وكما ذكر آدم ونوحا وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمدا صلى الله عليه وعليهم.
أو يكون المراد بالآية وإن لم يذكر اسمه، كما ذكر لقمان، وزيد (2).
[وزيد] مشهور النسب معروف القصة أنه المراد بالآية، وبشهرة القصة والنسبة حتى لا يكون بين أهل ذلك الدهر في ذلك تنازع، ولا بين أصحاب التأويل والاخبار في دهرنا هذا، فيكون كأنه مسمى وإن لم يسم.
وقد كانت تحدث بين الناس أمور فينزل القرآن عقب ذلك، فيعلم المهاجرون والأنصار من المراد بهذا التنزيل. كالذي كان من شأن عائشة وما قرفت به، حتى أنزل الله لذلك السبب آيا كثيرا، وإن لم يكن الله سمى عائشة ولا من قرفها. وكالذي نزل من القرآن في قصة الغار وهجرة النبي صلى الله عليه وأبى بكر، وهربهما من قريش، ونصرة الله لهما.
فكان مما أنزل الله في أبى بكر من تفضيله وتزكيته وإن لم يسمه قوله لجميع المؤمنين: " إن تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين

(١) في الأصل: " لعنه ".
(٢) أي ولم يذكر اسمهما في القرآن لكان معروفا أيضا أنهما المرادان.
(١٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 95 96 97 98 99 100 101 102 103 104 105 ... » »»