مبد معهم لضره (وإن كان لا يبلغ غلو الآخر وتصميمه وقلة إغفاله.
ولقد كانت خزاعة وثقيف على بعد أنسابها وأرحامها أحسن تقية من قريش في إظهار العداوة، والأرصاد بالمكروه، والثبات على البغى، كالذي بلغك عن الأخنس بن شريق وعروة بن مسعود، وبديل بن ورقاء، من ركونهم إلى الصلح وحبهم للسلامة، مع قلة التسرع والتوثب، على أنهم قد أجلبوا وطعنوا. وكفروا وكذبوا، بعد الافصاح لهم بالحجة، والإبانة لهم عن المحجة.
ولقد كان أبو لهب على قربه وقرابته، شبيها بأبي جهل في الغلظة والقسوة والجفاء، وكثرة التدري (2) وقلة السآمة.
ولم يكن أبو طالب يوم نزلت هذه الآية حيا مقيما فيكون الله جل ذكره عناه فيمن أطاعه من رهطه بهذا الكلام. على أنه لو كان حيا لقد كان معلوما أنه لم يكن هناك أحد أحسن ذبا، ولا أشد نصرا، ولا أظهر معونة، ولا أشد حماية منه.
ولم يكن الله ليعرف قوما موضع الخلة في النصرة، والتقصير في المدافعة، إلا وأدنى منازلهم أن يكونوا مقرنين (3) لمن ناوأهم، مضطلعين بدفع من شاقهم (4).
ولا نعلم يوم كانت هذه القصة، ونزلت هذه الآية، وبمكة رجل