سلمة عن عبد الله ابن المبارك عن عبد العزيز عن أبيه قال لما أخذت النصارى حلل دوس وضرار وأخته وعصفت عليهم الريح وغرق أحد المراكب ووصل الباقي إلى إسكندرية أوقفوهم أمام ابن المقوقس فأراد قتلهم فقال له أرباب دولته أيها الملك لا تعجل عليهم واعلم أن العرب متوجهة إليك ولا بد لنا من قتالهم فان أسر أحد منا ممن يعز عليك يكون عندنا من نفادي به ولعل أن نصالح العرب فاستصوب رأيهم وقال ادفعوا هؤلاء الاسرى إلى دير الزجاج وأرسل معهم ألفي فارس يوصلونهم إلى الدير فجاءت عيون خالد وأخبروه بما وقع فقام وأخذ معه أصحابه وسار يطلب دير الزجاج فوصل خالد إلى الدير قبل وصول الأسارى ومن معهم فلما أحدقوا بالدير أشرف عليهم راهب كبير السن وكان اسمه مباحا وكان تلميذا لبحيرا راهب بصرى وكان مؤمنا بالله وبأنبيائه فقال له خالد يا راهب كيف ترى الدنيا قال تنحف البدن وتجدد الامل وتقرب المنية وتقطع الأمنية قال فما حال أهلها قال من نال منها شيئا نفضته ومن فاته منها شيء حسرته قال فما خير الأصحاب فيها قال العمل الصالح والتقي قال فما شر الأصحاب فيها قال اتباع النفس والهوى قال خالد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال الحكمة ضالة المؤمن يأخذها حيث وجدها ثم قال كيف طابت لك الوحدة قال ألفتها قال فهل نلت منها فائدة قال نعم الراحة من مداراة الناس قال فما أحسن هذا الاعتقاد لو كان في دين الاسلام والتوحيد قال فما أعرف غيره قال فما تقول في محمد ابن عبد الله صلى الله عليه وسلم قال سيد الرسل وخاتم الأنبياء وصفى الأصفياء وحجة الجبار على الورى قال فلم لا تكون في بلاد الاسلام فهي أصلح لك من ههنا قال قلبي ملوث بحب الدنيا قال خالد أعندك خبر بالعرب الاسرى الذين أرسلهم الملك هنا قال لا والله ولكن مر بي البارحة بطريق وأسقف واستقيا ماء من بئر هذا الدير فسألتهما من أين أتيتهما فقالا من الإسكندرية واننا رسل الملك كيماويل صاحب أرض برقة وانه أرسلنا إلى ملك القبط يسأله أن يرسل له اسرى من عرب المسلمين حتى يراهم ويسمع كلامهم فأجاب أنه يرسل منهم جماعة وإنا ماضون نعلم صاحب برقة بذلك فقال لخالد لعلكم من المسلمين الذين فتحوا بلاد الشام قال خالد نحن هم فقال الراهب ان أخباركم عندي في كل وقت وأعلمك أن رأيت نبيكم صلى الله عليه وسلم وهو في قافلة قريش وأنا عند بحيرا فلما مات بحيرا انتقلنا إلى هذا الدير واعلموا أنه ما بقي من أرض الكنائس ولا بأرض العقبة ولا بأرض الرمادة أحد ولا ديار من راهب ولا قس الا وقدم لزيارتي ويسألني عنكم وعن نبيكم ويقولون لي أنت كنت على
(٧٦)