فأطلب أعداء الله حيث كانوا وإياك أن تلين جانبك لهم وانظر في أحوال الرعية واعدل فيهم ما استطعت وأطلب العفو بالعفو عن الناس وأجر الناس على عوائدهم وقوانينهم وقرر لهم واجبا في دواوينهم وأعل رسوم العافية بالعدل فإنما هي أيام تمضي ومدة تنقضي فاما ذكر جميل واما خزي طويل ثم إنه سلم الكتاب إلى علم بن سارية فسار هو ومن معه إلى أن قدموا مصر وسلم الكتاب إلى عمرو فأما كتابه فقرأه على المسلمين وأما كتاب النيل فإنهم قد كانوا عدوا ليالي الوفاء وتوقف النيل عن الوفاء وقد يئس الناس من الوفاء في تلك السنة فمضى عمرو إلى النيل وخاطبه ورمى فيه كتاب عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال فلما رماه فيه هاج البحر وزاد فوق الحد ببركة عمر بن الخطاب وانقطعت عن أهل مصر تلك السنة السيئة ببركة عمر رضي الله عنه حدثنا محمد بن يحيى بن سالم عن عدي بن يحيى بن عوف قال لما بلغنا أن عمرو افتح مصر وأتى إلى الكنيسة المعظمة عندهم وجد في مذبحها بيتا مغلقا وإذا فيه صورة من الفضة وأمام الصورة شخص آخر وفي يده أعلام وهي على صفة الصورة التي وجدها النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة لما فتح مكة فدعا عمرو بالقسوس وقال لهم ما هذه الصورة قالوا له هذه صورة إبراهيم وأبيه آزر فتبسم عمرو وقال ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما وما كان من المشركين فقال معاذ بن جبل لما قدمت من اليمن سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يلقي إبراهيم أباه آزر يوم القيامة وعلى وجهه قترة فيقول له إبراهيم ألم أقل لك لا تعصني فيقول آزر اليوم لا أعصيك فيقول إبراهيم يا رب انك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون فأي خزي أخزى من هذا فيقول الله حرمت الجنة على الكافرين ثم يقول له يا إبراهيم انظر إلى ما تحت قدميك فينظر إلى الريح وقد أخذت أباه فتلقيه في النار قال ثم أمر عمرو بالصورتين فكسرتا وعبر عسكر المسلمون إلى الجانب الغربي وقد تقدم خالد فترجل إلى نحو الإسكندرية وتقدم على مقدمته عبد الله يوقنا وسار يوما وليلة هو وبنو عمه وهم بزي الروم ذكر فتوح مدينة مريوط قال ابن إسحاق وكان قد بلغ المربذان الذي مع الثلاثة آلاف وهم في مدينة مريوط وقد حصنها ما حصل فلما قدم عليه يوقنا قال له الموبذان ما الذي أقدمك علينا فقال يوقنا ان المسلمين وجهوني إليك وهم يحرضونك على خلاص نفسك ويأمرونك بتسليم هذه المدينة إليهم ولك
(٧٠)