الأمان على نفسك وأهلك ومالك ومن أردت ولك الخيار في المقام تحت يد الاسلام أو الانفصال فان اخترت المقام فلا مانع يمنعك وأن أردت المسير أوصلناك إلى أي موضع أردت فلما سمع الموبذان ذلك قهقه ضاحكا وقال وحق ديني ان الغدر شعاركم والمكر دثاركم فلا فلح من آمن لكم وأما أنا فلا أخون الملك في بلده وأنا وهو في أرض واحدة وسوف أبعث اليه بأن أقدم اليه وأساعده عليكم جزاء بما عملتموه من الخديعة وستعلمون على من تدور الدائرة ومن يكون المغبون في الآخرة وأنت يا معشر الروم قد كفرتم بالمسيح وجحدتم السيدة أم النور وخرجتم من ملة الحواريين وأردتم هؤلاء العرب الجياع الأكباد العراة الأجساد ولن يغنوا عنكم شيئا ووحق المسيح لأبعثن بكم إلى الملك فيقتلكم على كفركم وكان يوقنا قد ترك جماعته ومضى في عشرين رجلا منهم لعله يعمل عليه حيلة فلما دخل عليه أنزله في دار الضيافة فوضعوا سلاحهم فلما أكلوا الطعام وتحادثوا وكان قد فطن بهم وأمر غلمانه أن يكونوا على حذر وأن يهجموا عليهم فيقبضوهم يريد بذلك أن يرسلهم إلى الملك إلى الإسكندرية ورماهم في بيت مظلم في دار امارته وأقام ينتظر غفلة من عسكره وكانوا قد أحاطوا بالبلد ووكل بهم جارية اسمها رينا وهي أخت مارية التي أرسلها المقوقس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت أختها شقيقتها وسلم إليها المفاتيح لمعزتها عنده وقال لها احفظي عليهم لأرى ما أنظر فيهم قال فلما جن الليل واشتغل عدو الله الموبدان بالشراب قال فصبرت رينا إلى أن غرق في سكره هو ومن معه وناموا وأمنت على نفسها فأتت إلى الباب وفتحت على يوقنا وأصحابه وقالت لهم أبشروا لا خوف عليكم فان الله قد جعل رحمتكم في قلبي وأنا أخت مارية التي أهداها المقوقس لنبيكم واني أريد منكم أن توصلوني عند أختي مارية فقال لها يوقنا أبشري بما يسرك ولكن أخاف عليك من عدو الله فما ترين فقالت والله ما جئتكم حتى سكر ونام فقال يوقنا فعرفينا الطريق التي نسلكها إلى قومنا قالت إن هذا المكان فيه سرب يخرج إلى ظاهر البلد وهو مبني من قديم الزمان وبابه الخارج مبني عليه قبة على أعمده وتحتها قبر بين المقابر فكل من رآه يظن أنه قبر وان الذي بنى هذه المدينة امرأة يقال لها فمعمان بنت عاد وصنعت هذه المقابر التي وراء التل وهي كأنها قصور مشيدة وكان فيها أناس سكنوها فقال يوقنا افعلي بنا ما يقربك إلى الله تعالى ورسوله ولعلك أن تنزلينا من هذا السرب حتى نذهب إلى أصحابنا ونأتي بهم من هذا ما دام الموبذان سكران وهو نائم فقالت سأفعل ذلك أن
(٧١)