فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٦٨
بالحق كان أرجانوس له في سرايته ألف مملوك قال فاحتوى على قصر الملك وأخذ الخزائن والأموال وغلق أبواب قصر الشمع وفعل ما فعل وليس عند ابن أخيه خبر إلى أن ذهب من الليل نصفه أو أكثر فجاء اليه بعض خدمه وأخبره بما فعل عمه فأيقن بتلفه وخروج ملك مصر منه قال فبينما هو في حيرة في أمره إذ كبر خالد بن الوليد ومن معه في وسط عسكره فسمع عمرو وأصحابه التكبير فكبروا ووقعت الخذلة على الكفار وحملت فيهم المسلمون ووضعوا فيهم السيوف فلما نظر أرسطوليس إلى ما نزل به والكبسة التي وقعت بعسكره لم يكن له دأب الا أن ركب وأحدقت به مماليك أبيه وأرباب دولته وطلبوا الهزيمة وقصدوا البحر وعدوا الجانب الغربي وطلبوا إسكندرية فحازوا على مدينة مريوط وفيها الموبذان الساقي ومعه ثلاث آلاف من عسكره فلما صاح الصائح في مصر بأن الملك انهزم وما ثبت أحد من عسكر القبط وولوا والسيف يعمل فيهم وغرق منهم في البحر خلق كثير ونصر الله المسلمين وانهزموا قال ابن إسحاق حدثني من أثق به أنه قتل في تلك الليلة من عسكر القبط خمسة آلاف وغنم المسلمون أثقالهم وما كان فيها من الأموال فلما أقبل الصباح اجتمع خالد بالمسلمين وسلم بعضهم على بعض وهنوهم بالسلامة ودخلوا مصر وملكوا دورها وأحاطوا بقصر الشمع فأشرف عليهم أرجانوس بن راعيل أخو المقوقس وقال لهم يا فتيان العرب اعلموا أن الله قد أمدكم بالنصر وقد فعلت في حقكم كذا وكذا ولولا حيلتي على ابن أخي لما انهزم منكم وقد ظفرتم الآن ونحن نسلم إليكم على شرط أنكم لا تتعرضون لنا ولا تمدون أيديكم لنا بسوء ومن أراد منا أن يبقى على دينه يؤدي الجزية ومن أراد أن يتبعكم يتبعكم فقال له معاذ بن جبل قد نصرنا الله على الكفار بصدق نياتنا وصلح أعمالنا واتباعنا للحق وانا ما قلنا قولا الا وفيناه ولا استعملنا الغدر ولا المكر وأنتم لكم الأمان على أنفسكم وأموالكم وحريمكم وأولادكم ومن بقي منكم على دينه فلن نكرهه ومن اتبع ديننا فله ما لنا وعليه ما علينا فلما سمع أرجانوس ذلك نزل إليهم بالمفاتيح فأمنوه وأمنوا من كان معه في القصر وجمعوا أكابر مصر ومشايخها وقالوا لهم ان الله قد نصرنا عليكم وقد انهزم ملككم منا وأنتم الآن في قبضتنا وقد صرتم مماليكنا ومن أسلم منكم قبلناه ومن أبي استعبدناه فقالوا أيها الملك ما هكذا بلغنا عنكم قال وما الذي بلغكم عنا قالوا سمعنا عنكم أن الله قد أسكن الرحمة في قلوبكم وأنتم تعفون عمن ظلمكم وتحسنون إلى من أساء إليكم وأنت تعلم أننا قوم محكوم علينا ولو كان الأمر الينا لاتبعناكم فارفقوا بنا وانظروا في
(٦٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 63 64 65 66 67 68 69 70 71 72 73 ... » »»