فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٦٤
عمرو بمن معه عليهم وقتل ابن المقوقس أباه احتاج إلى رأي البترك فأرسل اليه وأنزله في الكنيسة وولي البترك مكان هذا القس نونلس بن لوقا فكان في الدير فلما نزل خالد بن الوليد ومن معه على الدير قال عامر بن المبارك الثعلبي فأشرف علينا وتأملنا وكان أعرف الناس بخالد ابن الوليد لأنه رآه في مواطن كثيرة من الشام وكان صاحب حمص قد أرسله رسولا إلى أبي عبيدة ليصالحوهم قال فجعل يتفقدهم وينظر في وجوههم ثم قال وحق المسيح ما أنتم من آل غسان وما أنتم الا من عرب الحجاز وقد جئتم لتحتالوا علينا فاني رأيت أمامكم الذي فتح الشام وقتل ملوكها وسوف أكاتب الملك بقصتكم ليقبض عليكم فقالوا ما عندنا خبر من الذي تقوله وقد خيل لك ذلك أما علمت أن المسلمين ما خلوا لنا حالا وقد نهبونا وأصبحنا بالذل بعد العز والفقر بعد الغنى وقد كتب الينا ملك مصر بأن نجيء اليه فأرسل الينا بالخلع وطيب قلوبنا قال عامر فضحك اللعين من قولي وقال لي ان آل غسان أكثرهم يعرف بكلام الروم وحق ديني ما أنتم منهم وقد صح قولي انكم مسلمون فقلنا له يا ويلك لو كنا من الذين تقول عنهم ما كنا نأتيكم بالنهار وكنا نكمن ونسير في الليل حتى نصل إلى أصحابنا وأنك استحقرت المسيح إذ جعلتنا من أصحاب محمد فقد وقعت في ذنب عظيم ثم اننا بالقرب منهم فقال أصحابه يا أبانا ليس هؤلاء القوم ممن ذكرت فلوا كانوا مسلمين ما جسروا أن يدخلوا أرض مصر في ضوء النهار ولا يقربوا العمران فقال وحق ديني أنا أعرف الناس بهم وانهم مسلمون بلا شك فامتنعوا منهم ولا تخرجوا لهم طعاما ولا ماء وسأنفذ خبرا للملك بذلك فيكون منهم على حذر قال عامر بن هبار وكان من لطف الله بنا أن الرهبان الذين بالدير لما سمعوا كلامه قال بعضهم لبعض يجب علينا أن نأخذ لنا منهم صلحا فنكون آمنين من غائلتهم ولا نبرح من ديرنا هذا فقال أكبرهم ان أنتم فعلتم ذلك فإننا لا نعلم من ينصر من الفريقين أصحابنا أم العرب فإن كان النصر لأصحابنا خفنا من هذا القس أن يعلم بنا الملك أننا صالحنا المسلمين بغير أمره فإنه يقتلنا وان هذا اللعين تعلمون أنه على غير مذهبنا وهو في كل يوم يكفرنا لأنه نسطوري ونحن يعقوبية فان أنتم أردتم صلح هؤلاء العرب فدونكم وهذا القس فاقبضوا عليه وسلموه لهم وخذوا منهم أمانا قال ففعلوا ذلك وقبضوا عليه وأشرفوا علينا وقالوا لنا بحق ما تعتقدون من دينكم أنتم من أصحاب محمد أم لا فانا قد قبضنا على هذا اللعين ونريد أن نسلمه لكم وانكم تعطوننا أمانا فأنا قوم لا نعرف حربا ولا قتالا فقال لهم مالك الأشتر يا هؤلاء اما ما زعمتم
(٦٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 59 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 ... » »»