فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٣٨
حاملا فيطمعوا فيك ومن أخل منهم بشيء مما فرض عليهم فأقم فيهم حدود الله وأعلم بأنك راع مسؤول عن رعيته قال الله عز وجل الذين ان مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهو عن المنكر وقد قال فيك رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو عبيدة أمين هذه الأمة فأعط الأمانة حقها ومن ترك صلاته فأضربه عليها ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثنا ونحدثه فإذا حضرت الصلاة فكأنه لم يعرفنا ولم نعرفه اشتغالا بالصلاة وبعظمة الله وعنه صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله عز وجل يقول إن بيوتي في الأرض المساجد وان زواري فيها عمارها بالعبادة فطوبى لعبد تطهر في بيته ثم زارني فحق على المزور أن يكرم زائره وقال صلى الله عليه وسلم جميع المفترضات افترضها الله علي في الأرض الا الصلاة فان الله افترضها علي في السماء وإذ قرأت كتابي هذا فأمر عمرو بن العاص أن يتوجه إلى مصر بعسكره ويقدمهم عامر بن ربيعة العامري ومشايخ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضي بهم عند مشورته وأنفذ من قدرت عليه إلى أرض ربيعة وديار الجد بن صالح والله أسأل أن يكون لكم عونا ومعينا والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وسلم الكتاب إلى عرفجة بن مازن وأمر له بنفقة من بيت المال قال عرفجة فأخذت الكتاب وسرت به على طريق تيماء فلقيت عند بيت لحم ركبا من أهل وادي القرى فسألتهم عن أبي عبيدة فأخبروني أنه على غباغب وهو طالب طبرية قال عرفجة أطلب الغور والجولان وأقصد طبرية قال فالتقيت بأبي عبيدة على الأردن فسلمت عليه وناولته كتاب عمر رضي الله عنه فما قرأه جمع المسلمين وقرأه عليهم فلما فرغ قال ما من رجل ترك الصلاة أو أخل بشيء مما افترضه الله عليه الا جلدته ومن الغد أتى خالد بن الوليد من طرابلس فقرأ عليه الكتاب وأنفذه إلى عمرو بن العاص أرسل يحثه على المسير إلى أرض مصر فلما وصل الكتاب إلى عمرو أخذ على نفسه بالمسير وسار معه يزيد بن أبي سفيان وعامر بن ربيعة العامري وجماعة من الصحابة وسار معه يوقنا في أربعة آلاف من أصحابه وقد وهبوا أنفسهم لله ورسوله فسار عمرو على البيداء من وراء العريش قال وكانت أرض مصر وريفها عامرة بالديور والصوامع وكان دير الزجاج في مملكة القبط وكان ملكهم يومئذ المقوقس ابن راعيل وكان هذا الملك من أهل الرأي والتدبير والفضل والحكمة وكان تلميذ الحكيم أعاشادمون وهو الذي لما غلبت الحيات على أرض مصر واخربتها صنع لها جلجلا وكان ان حركه سمع صوته من مقدار ميل قال فتخرج الحيات من حجرتها فمن هربت نجت ومن وقعت هلكت وكان المقوقس من أعلم أهل زمانه وكانت
(٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 33 34 35 36 37 38 39 40 41 42 43 ... » »»