الزراعة فلما قرأ الكتابين تهلل وجهه فرحا وضج المسلمون بالتهليل والتكبير وكتب من وقته وساعته إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه يبشره بما فتح الله على المسلمين وبما فعله يوقنا ووجه الكتاب مع عرفجة بن مازن فركب ناقته وسار حتى وصل المدينة قال عرفجة بن مازن وعلي من ديباج الروم قباء فاخر وعلى رأسي مطرف خز مذهب قال فلما أتيت المدينة ودخلتها يوم الجمعة أول ليلة من شهر رمضان قبل مغيب الشمس وعمر رضي الله عنه قد أتى يريد المسجد فلما أبركت ناقتي وعقلتها وجئته لأسلم عليه نظر إلي شزرا وقال من الرجل قلت عرفجة بن مازن فقال يا ابن مازن أما كان لك برسول الله أسوة حسنة وان هذه ثياب الجبارين ومن جعل الله لهم الدنيا جنة وهذا الديباج حرام على الرجال منا ولا يصلح الا للنساء وهذا الذي عليك تصدق به على فقراء المدينة أما والله لقد دخلت يوما على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو نائم على سرير مرمل بشريط وليس بين جلده وبين الشريط شيء وقد أثر الشريط في نعومة جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رايت ذلك بكيت فقال لي يا عمر ما الذي أبكاك فقلت يا رسول الله ان كسرى وقيصر يعيشان في ملك الدنيا وأنت رسول الله بهذه المثابة فقال يا عمر أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة قال عرفجة فسلمت اليه الكتاب فلما قرأه تهللت أسارير وجهه قال عرفجة ثم نزلت على خالتي عفراء بنت أبي أيوب الأنصاري وبت عندها ليلتي فلما أصبحت لم أقدر أن أقابل عمر بذلك الزي فأعطيت الثوب والعمامة لخالتي فباعتهما وتصدقت بثمنهما على فقاء المدينة قال وسرت إلى عمر وعلى ثوب من كرابيس الشام كان تحت ثيابي فلما رآني تبسم في وجهي وقال يا ابن مازن ما فعلت بديباجتك قلت يا أمير المؤمنين باعتها خالتي وتصدقت بثمنها على المسلمين فقرأ عمر * (وما تفعلوا من خير يعلمه الله) * ثم إنه كتب إلى أبي عبيدة يقول بسم الله الرحمن الرحيم من عبد الله عمر ابن الخطاب إلى أبي عبيدة عامر بن الجراح أما بعد فأني أحمد الله الذي لا إله إلا هو وأصلي علي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وقد فرحت بما فتح الله على المسلمين وما وعدنا به رسول الله من كنوز قيصر وسيفتح علينا من كنوز كسرى والحمد لله على ذلك كثيرا وقد بلغني أن بادية الاعراب قد استلذوا الدنيا وزينتها وقد نصبت لهم شباك محبتها وقد تمسكوا بذيل غرورها ونسوا نعيم الجنة وقصورها ورفلوا في ثياب الديباج والخز وأكلوا الحلواء وخبز الحنطة لهاهم ذلك عن الآخرة وقد بلغني يا ابن الجراح أنهم قد تهاونوا بالصلاة ونسوا المفترضات فجرد عليهم عتاق الخيل ذوات الهمم وأغلظ عليهم ولا تكن لهم
(٣٧)