لهم وقد فشلتم وجزعتم فقال له قابيل أيها الملك ليس الخبر كالعيان وهؤلاء ليسوا بأنس وانما هم جن في القتال ولولا الاجل حصين ما عدت إليك فغضب الملك وقال اسكت قد تمكن رعب العرب من قلبك وستنظر ما يكون من أمرهم ثم بات في قلق شديد حتى أصبح الصبح ولم يأمر قومه بالركوب وقال أمهلوا حتى أنظر ما يكون من أمرهم ذكر فتوح البهنسا ونزول الصحابة وقتل البطريق قال الراوي ولما أصبح المسلمون صلوا صلاة الصبح تبادروا إلى خيولهم فركبوها فلم يجدوا لأعداء الله خبرا ولا أثرا وتيقنوا أنهم انهزموا ومضوا إلى مدينتهم فسارت المسلمون إلى أن قربوا من البهنسا فلاحت لهم المضارب والخيام والسرادقات والاعلام قال الراوي حدثنا قيس بن منهال عن عامر بن هلال عن ابن زيد الخيل قال لما أشرفنا على مدينة البهنسا ورأينا تلك المضارب قال عياض رضي الله عنه اللهم اخذلهم وانصرنا عليهم اللهم احصهم عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا واخزهم انك على كل شيء قدير وأمن المسلمون على دعائه قال فلما أقبلنا على مدينة البهنسا كبرنا وهللنا فخرجوا إلى ظاهر الخيام وبأيديهم السيوف والدرق والقسي والنبال ورأينا خلقا كثيرة على الأبراج وأراد جماعة من العرب الحملة عليهم فمنعهم الأمير وبقية الامراء من ذلك وقالوا لا حملة الا بعد انذار ثم إنهم لم يأتوا الينا ولا ناوشونا بقتال واستقلونا في أعينهم قال الواقدي ونزل المسلمون بجانب الجبل عند الكثيب الأصفر قريبا من البياض الذي على المغارة نحو المدينة هذا ما جرى لهؤلاء وأما أبو ذر الغفاري وأبو هريرة الدوسي ومعاذ بن جبل ومسلمة بن هاشم ومالك الأشتر وذو الكلاع الحميري فإنهم ساروا حتى نزلوا قريبا من القوم وباتوا تلك الليلة فلما أصبحوا خرج أعداء الله للقائهم فقال مالك الأشتر يا قوم ان أعداء الله خرجوا للقائكم فاشغلوهم بالقتال وأرسلوا جماعة منكم يملكون الجسر واستعينوا بالله فعندها خرج المرزبان ومعه ثلاثمائة فارس حتى وصلوا إلى الجسر والحجارة تتساقط عليهم من أعلى السور حتى ملكوا الجسر وجعلوا في أماكن المخاضات حراسا بسيوف محدودة واقتتل المسلمون وأعداء الله قتالا شديدا وثبتوا في القتال سبعة أيام وكلما أتوا إلى مكان المخاضة وجدوه مربوطا بالرجال وصار كل ليلة تهرب منهم جماعة من الروم ويهيمون على وجوههم يريدون الصعيد فتلقاهم رافع ابن عميرة الطائي ومعه سرية من أصحاب قيس بن الحرث عند البلد المعروف بادقار وكانوا حوالي البحر
(٢٧٢)