فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٥
كل عام فان أبي فالقتال بحد الحسام ونرجو النصر من الملك الديان بجاه محمد خير الأنام قال فقال المغيرة أرجو من الله الملك الوهاب المعونة في رد الجواب وسارت الامراء والقس أمامهم راكب على بغلة وعبيدهم خلفهم على بغالهم وكل عبد عليه لامة حربه وساروا وهم معلنون بالتهليل والتكبير والصلاة على البشير النذير قال زياد بن ثابت ولما فارق القوم الأمير عياضا نظرت اليه وعيناه تذرفان بالدموع حتى بلت دموعه لحيته وهو يقرأ القرآن فقلت أنا أيها الأمير ما هذا البكاء فقال لي يا ابن ثابت هؤلاء والله أنصار الدين فان أصيب رجل منهم فما يكون عذري عند الله عز وجل قال وسار المغيرة وأصحابه حتى أشرفوا على عسكر العدو وإذا هو ملء الأرض وهو نازل حول مدينة البهنسا فصاح المغيرة ومن معه يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينما هم كذلك إذ أقبل إليهم بطريق ومعه رجل من العرب المتنصرة راكب إلى جانبه ومعهما نحو مائة ألف فارس وساروا بين أيديهم حتى وصلوا إلى قريب سرادق الملك ولاح البطليوس وهو جالس على السرير فعند ذلك خرج لهم الحجاب والنواب وأرباب الدولة والصولة وقالوا قد وصلتم وبلغتم إلى سرادق الملك فانزلوا عن خيولكم وانزعوا سيوفكم فقال المغيرة أما خيولنا فننزل عنها وأما سيوفنا فلا ننزعها فإنها عزنا وما كنا بالذي ينزع عزه الذي يعتز به دهره قال فأخبر الحجاب الملك بذلك فقال دعوهم يدخلون بسيوفهم فنادتهم الحجاب ادخلوا قال الواقدي فعندها ترجل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خيولهم وأمسكوها لعبيدهم وأقبلوا يتبخترون في مشيهم ويجرون حمائل سيوفهم ويخترقون صفوف الكفار وهم لا يهابونهم إلى أن وصلوا إلى سرير الملك فدخلوا إلى أن وصلوا إلى النمارق والفرش والديباج والملك جالس على سريره ولما نظر المسلمون إلى ذلك عظموا الله تعالى وكبروه فارتج السرادق وتغيرت ألوان القوم وصاح بهم الحجاب قبلوا الأرض للملك فلم يلتفتوا إليهم قال المغيرة لا ينبغي السجود الا للملك المعبود ولعمري كانت هذه تحيتنا قبل فلما بعث الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم نهانا عن ذلك فلا يسجد بعضنا لبعض قال فسكتوا قال فأمر الملك بكراسي من ذهب وفضة فنصبت لهم فلم يجلسوا عليها وكانوا من حين دخلوا أمروا بعض عبيدهم أن يطووا البسط من تحت أرجلهم إلى أن وصلوا إلى فرش الديباج فشالوها على جنب فقالت لهم البطارقة قد أسأتم الأدب معنا إذ لم تسجدوا للملك ولم تمشوا على فرشنا فقال المغيرة ان الأدب مع الله تعالى أفضل من الأدب معكم والأرض أطهر من فرشكم لان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جعلت لي الأرض مسجدا
(٢٧٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 270 271 272 273 274 275 276 277 278 279 280 ... » »»