فتوح الشام - الواقدي - ج ٢ - الصفحة ٢٧٧
لكم واكلتم طعاما طيبا ما كنتم تعرفونه وملأتم أيديكم بالذهب والفضة والمتاع الفاخر واللآلىء والجواهر ومعكم متاعنا وأموالنا التي من قومنا وأهل ديننا ونحن نترك لكم ذلك جميعه ولا ننازعكم عليه ولا نؤاخذكم بما تقدم من فعلكم من قتل رجالنا ونهب أموالنا والآن فارحلوا عنا واخرجوا من بلادنا فان فعلتم فتحنا خزائن الأموال وأمرنا لكل رجل منكم بمائة دينار وثوب حرير وعمامة مطرزة بالذهب ولاميركم هذا ألف دينار وعشرة عمائم وعشرة ثياب ولكل أمير منكم كذلك وللخليفة عليكم عشرة آلاف دينار ومائة ثوب حرير ومائة عمامة بعد ان نستوثق منكم بالايمان انكم لا تعودون إلى الإغارة على بلادنا هذا كله والمغيرة ساكت فلما فرغ البطليوس من كلامه قال له المغيرة قد سمعنا كلامك فاسمع كلامنا ثم قال الحمد لله الواحد القهار الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد فقال له البطليوس نعم ما قلت يا بدوي فقال المغيرة أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المرتضى ونبيه المجتبى فقال له البطليوس لعنه الله لا أدرى أن محمدا رسول الله ولعله كما يقال حبيب الرجل دينه ثم التفت إلى المغيرة وقال يا عربي ما أفضل الساعات فقال ساعة لا يعصي الله فيها قال صدقت يا أخا العرب لقد بان لي رجحان عقلك فهل في قومك من له رأي مثل رأيك وحزم مثل حزمك قال نعم في قومنا وعسكرنا أكثر من ألف رجل لا يستغني عن رأيهم ومشورتهم وخلفنا أمثال ذلك وهم قادمون الينا عن قريب فقال البطليوس ما كنا نظن ذلك منكم وانما بلغنا عنكم انكم جماعة جهال لا عقول لكم فقال المغيرة كنا كذلك حتى بعث الله فينا محمدا صلى الله عليه وسلم فهدانا وأرشدنا فقال البطليوس لقد أعجبني كلامك فهل لك في صحبتي فقال المغيرة يسرني ذلك إذا فعلت ما أقول لك قال ما هو قال تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله قال البطليوس لا سبيل إلى ذلك ولكن أردت أن أصلح الامر بيني وبينكم قال المغيرة رضي الله عنه الامر إلى الله وأما قولك لنا انا أهل فقر وبؤس وضر فقد كنا كذلك وكنا أهل جاهلية لا يملك أحدنا غير فرسه وقوسه وابله وكنا لا نعظم الا الأشهر الحرم حتى بعث الله الينا نبيه ورسوله صلى الله عليه وسلم نعرف أصله ونسبه صادقا أمينا نقيا اماما رسولا أظهر الاسلام وكسر الأصنام وختم به النبيين وعرفنا عبادة رب العالمين فنحن نعبد الله ولا نعبد غيره ولا نتخذ من دونه وليا ولا نصيرا ولا نسجد الا لله وحده لا شريك له ونقر بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وقد أمرنا أن نجاهد من كفر بالله واتخذ مع الله شريكا جل ربنا وعلا وهو واحد لا تأخذه
(٢٧٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 272 273 274 275 276 277 278 279 280 281 282 ... » »»